دلالة ظاهرة؛ لأن الرجس عند أهل اللغة: القذر، ولا يلزم من ذلك النجاسة، وكذا الأمر بالاجتناب لا يلزم منه النجاسة. انتهى المراد.
قال الصنعاني ﵀ في «سبل السلام» (١/ ٧٦): وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يُلَازِمُ النَّجَاسَةَ، فَإِنَّ الْحَشِيشَةَ مُحَرَّمَةٌ طَاهِرَةٌ، وَكَذَا الْمُخَدَّرَاتُ وَالسُّمُومُ الْقَاتِلَةُ، لَا دَلِيلَ عَلَى نَجَاسَتِهَا ...، فَإِذَا عَرَفْت هَذَا؛ فَتَحْرِيمُ الْحُمُرِ، وَالْخَمْرِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَجَاسَتُهُمَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا بَقِيَتَا عَلَى الْأَصْلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ الطَّهَارَةِ، فَمَنْ ادَّعَى خِلَافَهُ؛ فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ. انتهى.
وقال الإمام ابن عثيمين ﵀: والصحيح أنها ليست بنجسة، والدليل على ذلك ما يلي:
١) حديث أنس ﵁ في «الصحيحين» (^١)، أنَّ الخمر لما حُرِّمَتْ خرج الناس، وأراقوها في الأسواق، وأسواق المسلمين لا يجوز أن تكون مكانًا للنجاسة.
٢) ما رواه مسلم (^٢) عن ابن عباس ﵄، أنَّ رجُلًا جاء براوية خمرٍ، فأهداها للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فقال: أما علمت أنها حُرِّمَتْ، فسارَّ رجُلًا: أنْ بِعْهَا. فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنَّ الله إذا حَرَّمَ شيئًا حَرَّمَ ثمنه»، ففك الرجل الراوية، ثم أراقها بحضرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولم يقل له: اغسلها، وهذا بعد التحريم.
٣) أنَّ الأصل الطهارة، حتى يقوم دليل النجاسة، ولا دليل.
(^١) أخرجه البخاري برقم (٢٤٦٤)، ومسلم برقم (١٩٨٠)، من حديث أنس ﵁، وفيه: في سكك المدينة.
(^٢) أخرجه مسلم برقم (١٥٧٩).