فتح العلي الحميد في شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد
فتح العلي الحميد في شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد
ناشر
دار الأخيار
اصناف
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى -: «يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله، ويزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له؛ ولهذا قال: ﴿وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ أي: تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره، ﴿وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ أي: بعد ما علمتم مما دعاكم إليه
﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾ قيل: المراد: المشركون. واختاره ابن جرير.
وقال ابن إسحاق: هم المنافقون؛ فإنهم يُظهرون أنهم قد سمعوا واستجابوا وليسوا كذلك.
ثم أخبر تعالى أن هذا الضرب من بني آدم شر الخلق والخليقة، فقال ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ﴾ أي: عن سماع الحق ﴿الْبُكْمُ﴾ عن فهمه، ولهذا قال: ﴿الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ فهؤلاء شر البرية لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله ﷿ فيما خلقها له وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا ولهذا شبههم بالأنعام في قوله: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧١]. وقال في الآية الأخرى: ﴿أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩].
وقيل: المراد بهؤلاء المذكورين نفر من بني عبد الدار من قريش روي عن ابن عباس ومجاهد، واختاره ابن جرير، وقال محمد بن إسحاق: هم
المنافقون.
1 / 96