(فصل في قراءة القرآن خطأ وفي الأحكام المتعلقة بالقراءة) المصلي إذا أخطأ في القراءة فذلك لا يخلو من وجوه أما أن يكون الخطأ في الإعراب أو بتخفيف المشدد أو بتشديد المخفف أو بترك المد في الممدود أو بإدخال المد في غيره أو بذكر حرف مكان حرف أو كلمة مكان كلمة أو آية مكان آية أو بالتقديم والتأخير أو بوصل المفصول أو ضده أو خطأ في النسبة أما الخطأ في الإعراب إذا لم يغير المعنى لا تفسد الصلاة عند الكل كما لو قرأ إن المؤمنين والمؤمنات أو قرأ ولم يجعل له عوجا بالنصب أو قرأ الحمد لله رب العالمين بنصب الدال ونصب ميم الرحيم ونون الرحمن ونعبد بفتح الباء أو بكسر الباء فإن ذلك لا يفسد الصلاة لأن الخطأ في الإعراب مما لا يمكن الاحتراز عنه فيعذر ولهذا لو قال لرجل زنيت بالخفض أو قال لامرأة زنيت بنصب التاء يحد لأنه يفهم من الخطأ ما يفهم من الصواب وإن غير المعنى تغيرا فاحشا بأن قرأ وعصى آدم ربه فغوى ورفع باء ربه أو قرأ البارئ المصور بنصب الواو أو قرأ إنما يخشى الله من عباده العلماء برفع الله ونصب العلماء أو قرأ نحن خلقنا بفتح القاف وجعلنا بفتح اللام وأنزلنا بفتح اللام ومن يغفر الذنوب إلا الله بنصب الله وما يعلم تأويله إلا الله بفتح الهاء ولا يغرنكم بالله الغرور بفتح الغين كسر الراء وأن الله برء من المشركين ورسوله بكسر لام الرسول وأنت خير المنزلين بفتح الزاء وما أشبه ذلك مما لو تعمد به يكفر إذا قرأ خطأ فسدت صلاته في قول المتقدمين واختلف المتأخرون في ذلك قال محمد بن <140>مقاتل وأبو نصر محمد بن سلام وأبو بكر بن سعيد البلخي والفقيه أبو جعفر الهندواني الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل والشيخ الإمام اسماعيل الزاهد وشمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته وما قاله المتقدمون أحوط لأنه لو تعمد يكون كفرا وما يكون كفر إلا يكون من القرآن وما قاله المتأخرون أوسع لأن الناس لا يميزون بين إعراب وإعراب فلا تفسد الصلاة وهذا على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ظاهر لأنه لا يعتبر الإعراب عرف ذلك في مسائل منها إذا قال الرجل لامرأته أنت واحدة ونوى به الطلاق عنده يقع الطلاق نصب الواحدة أو رفعها أو لم يعربها ومنها لو قال لغيره أنا قاتل أباك في قول محمد رحمه الله تعالى لا يلزمه شيء ويحمل على الوعد ولو قال أنا قاتل أبيك يكون إقرار في قول محمد رحمه الله تعالى على نفسه بالقتل وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يلزمه شيء في الوجهين ومنها لو قال لعبده رأسك رأس حر أو رأس حرا ورأس حر في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يسوي بين الكل ولا يعتق وفي قول محمد رحمه الله تعالى يعتق في الوجه الثالث ثم بعد هذا نذكر أكثر مسائل هذا الفضل على قول القاضي الإمام أبي بكر الزرنجري رحمه الله تعالى لأنه كان مشهورا بعلم القراءة المصلي إذا قرأ إياك بكسر التاء فسدت صلاته في قول المتقدمين ولا تفسد عند المتأخرين ولو قرأ إن الله لا يخلف المعياد برفع الدال أو بكسر الدال لم تفسد صلاته عند الكل ولو قرأ ذلك كفارة إيمانكم بكسر الألف أو قرأ ولم يلبسوا إيمانهم بنصف الألف لم تفسد صلاته وأما لوجه الثاني إذا خفف المشدد قال القاضي الإمام لا تفسد صلاته بتخفيف المشدد إلا في قوله رب العالمين أو قرأ إياك نعبد بغير تشديد تفسد صلاته وعامة المشايخ على أن ترك المد والتشديد بمنزلة الخطأ في الإعراب لا تفسد الصلاة في قول المتأخرين ولو قرأ والقمر إذا تلاها أو قرأ أفعيينا بالتشديد لا تفسد الصلاة ولو قرأ وإياك نستعين بغير همزة لا تفسد الصلاة لأنه لا يغير المعنى وكذا لو قرأ اهدنا الصراط المستقيم وأظهر لام صراط المستقيم لا تفسد صلاته لأنه لا يغير المعنى وكذا
صفحہ 68