289

Fatawa of the Imams on Calamitous Events

فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

ناشر

دار الأوفياء للطبع والنشر

پبلشر کا مقام

الرياض

اصناف

أمرتم بالجهاد، ما فيه حرج، إن قدرتم عليه فهو سهل، وإن لم تقدروا عليه فهو حرج مرفوع، إذ لا بد من القدرة والاستطاعة، هذا من القرآن. ومن السنة؛ قال النبي ﷺ:" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" وهذا عام في كل أمر؛ لأن قوله: (بأمر) نكرة في سياق الشرط فيكون للعموم، سواء أمر العبادات أو الجهاد أو غيره.
وأما الواقع فقد كان النبي ﷺ في مكة يدعو الناس إلى توحيد الله، وبقي على هذا ثلاث عشرة سنة لم يؤمر بالجهاد، مع شدة الإيذاء له ولمتبعيه ﵊، وقلة التكاليف، فأكثر أركان الإسلام ما وجبت إلا في المدينة، ولكن هل أمروا بالقتال؟ الجواب: لا. لماذا؟ لأنهم لا يستطيعون، وهم خائفون على أنفسهم.
إن النبي ﷺ خرج من مكة خائفا على نفسه، وهذا معروف ولذلك لم يوجب الله ﷿ القتال إلا بعد أن صار للأمة الإسلامية دولة وقوة: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: آية ٣٩] (١).
وقال ﵀ في معرض حديثه عن الجهاد:
"لا بد فيه من شرط: وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة، ولهذا لم يوجب الله ﷾ على المسلمين القتال وهم في مكة لأنهم عاجزون ضعفاء، فلما هاجروا إلى

(١) "شرح بلوغ المرام" (الشريط الأول)

1 / 302