Fatawa of the Imams on Calamitous Events
فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة
ناشر
دار الأوفياء للطبع والنشر
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
لأن الله ﷿، ذكر في القرآن الكريم الآية: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: آية ٩] إذ قد ذكر هنا ربنا ﷿، الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقة المؤمنة، ومع ذلك فما حكم عليها بالكفر مع أن الحديث يقول: " ... قتاله كفر ".
إذا فقتاله كفر دون كفر كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة، فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء، وفسق وكفر، ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفرا عمليا، وقد يكون كفرا اعتقاديا، من هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام بحق شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية، حيث لهما الفضل في الدندنة على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة، فابن تيمية ﵀ وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية يدندنان دائما حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي، وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين التي وقع فيها الخوارج قديما وبعض أذنابهم حديثا.
فإذا قوله ﷺ: " فقتاله كفر" لا يعني -مطلقا- الخروج عن الملة. والأحاديث في هذا كثيرة جدا لو جمعها المتتبع لخرج منها برسالة نافعة في الحقيقة، فيها حجة دامغة على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة، ويلتزمون بتفسيرها بالكفر الاعتقادي، فحسبنا الآن هذا
1 / 213