فتاویٰ کبریٰ

ابن تيمية d. 728 AH
142

فتاویٰ کبریٰ

الفتاوى الكبرى

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَذِبٌ وَفُجُورٌ مِنْ أَيِّ قِسْمٍ كَانَ، وَالنَّبِيُّ ﷺ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ هُمْ الَّذِينَ يَتَقَرَّبُونَ إلَيْهِ بِالْفَرَائِضِ وَحِزْبُهُ الْمُفْلِحُونَ وَجُنْدُهُ الْغَالِبُونَ وَعِبَادُهُ الصَّالِحُونَ. فَمَنْ اعْتَقَدَ فِيمَنْ لَا يَفْعَلُ الْفَرَائِضَ وَلَا النَّوَافِلَ أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، إمَّا لِعَدَمِ عَقْلِهِ أَوْ جَهْلِهِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَمَنْ اعْتَقَدَ فِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ فَهُوَ كَافِرٌ، مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَإِذَا قَالَ: أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: ١] ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون: ٢] ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ﴾ [المنافقون: ٣] . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» . فَإِذَا كَانَ طُبِعَ عَلَى قَلْبِ مَنْ تَرَكَ الْجُمَعَ - وَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ - فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يُصَلِّي ظُهْرًا وَلَا جُمُعَةً وَلَا فَرِيضَةً وَلَا نَافِلَةً، وَلَا يَتَطَهَّرُ لِلصَّلَاةِ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى وَلَا الصُّغْرَى، فَهَذَا لَوْ كَانَ قَبْلُ مُؤْمِنًا، وَكَانَ قَدْ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا بِمَا تَرَكَهُ، وَلَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهُ مِنْ هَذِهِ الْفَرَائِضِ. وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا، فَكَيْفَ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ﴾ [المجادلة: ١٩]، أَيْ اسْتَوْلَى يُقَالُ: حَاذَ الْإِبِلَ حَوْذًا إذَا اسْتَقَاهَا، فَاَلَّذِينَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَسَاقَهُمْ إلَى خِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ [مريم: ٨٣]، أَيْ تُزْعِجُهُمْ إزْعَاجًا، فَهَؤُلَاءِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المجادلة: ١٩] .

1 / 189