في ورقة خمسا وثلاثين ووضعت في البيت لم يقربه شيطان ولا جان وكثرت فيه البركة، وإذا علقت تلك الورقة في دكان كثر زبونه وزاد ربحه، ثم قال: وإذا كتبت في ورقة مائة مرة ودخلت في الزرع خصب ذلك الزرع وحفظ من الآفات وحصلت فيه البركة. انتهى. فالحمد لله، فالورقة لم تدفن، وإنما توضع فوق الرءوس لتمر بها الرياح، فتنال من خيرها وبركتها، وكذا لو مررت بها على إنسان ناله خيرها، أو شجر ناله بركتها، أو على زرع نما وزكا، أو على أرض حصل لها الشرف والرفعة، فاتق الله ولا تكن من الغافلين المحجوبين عن الأنوار والأسرار، ثم ذكر اليافعي أن هذه الآية وهي قوله تعالى: ﴿قل إن الفضل بيدي الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾ خاصية هذه الآية الشريفة لسعة الرزق، ومن يريد خطبة النساء يكتبها يوم الخميس في ورقة ويعلقها على باب حانوته أو مع بيعه أو شرائه، فإنه يرزق خيرا كثيرا، ويدر عليه الرزق، ثم ذكر من خواص قوله تعالى: ﴿محمد رسول الله﴾ إلى آخر الصورة أنها لا توضع في مكان إلا عمت فيه البركة، ولا في حانوت إلا كثر زبونه، ولا في حمام إلا ودخل عليه الداخلون، ولا حملها في سفر في بر أو بحر إلا حفظ ببركتها ولم ير ما يكرهه أبدا، ويكون سفرا مباركا، وتقضي جميع حوائجه. انتهى. ومثل هذا مما لا يخفى، ففي المعترض إما بضاعته مزجاة أو عقيدته غير معفاة، أو أنه ممن قلد العقل مع عمى البصيرة أو لم يحضره النقل مع سوء السريرة.
وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا
والله أعلم.
مطلب: فيما يفعله الناس من الميل والتحريك حال القراءة والذكر
(سئل) فيما يفعله الناس من الميل والتحريك في حال القراءة والذكر وشبههما كما هو مشاهد من جميع الناس، هل لذلك أصل في السنة أو لا؟ وهل هو حرام أو مكروه أو مندوب؟ وهل يثاب عليه؟ وهل ثبت أنه من التشبه باليهود أو لا؟
(أجاب) إذا تأملت قول الله ﷿: ﴿الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم﴾ وقوله تعالى: ﴿والذاكرين الله كثيرا والذاكرات﴾ مع آيات كثيرة غيرهما مع قول الأصوليين وعموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والبقاع مع ما لهم من الأمثلة الدالة على ذلك مع ما ورد في تفسير الآيات المذكورة وغيرها، علمت أن الحركة في الذكر والقراءة ليست محرمة ولا مكروهة، بل هي مطلوبة في جملة أحوال الذاكرين من قيام وقعود وجنوب وحركة وسكون وسفر وحضرة وغنى وفقر، فقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿اذكروا الله ذكرا﴾ يقول: لا يفرض الله تعالى على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، فقال:
1 / 36