فتاوى الخمر والمخدرات
فتاوى الخمر والمخدرات
تحقیق کنندہ
أبو المجد أحمد حرك
ناشر
دار البشير والكوثر للطباعة والنشر
عن ذكر الله وعن الصلاة. ويهدد من لم ينته عن ذلك بقوله تعالى: «فهل أنتم منتهون» كما علق الفلاح بالاجتناب في قوله: «فاجتنبوه لعلكم تفلحون». ولهذا يقال: إن هذه الآية دلت على تحريم الخمر والميسر من عدة أوجه:
ومعلوم أن (الخمر) لما أمر باجتنابها حرم مقاربتها بوجه، فلا يجوز اقتناؤها، ولا شرب قليلها، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بإراقتها، وشق ظروفها، وكسر دنانها ونهى عن تخليلها وإن كانت ليتامى، مع أنها اشتريت لهم قبل التحريم، ولهذا كان الصواب الذي هو المنصوص عن أحمد وابن المبارك (١٢) وغيرهما: أنه ليس في الخمر شيء محترم: لا خمرة الخلال ولا غيرها، وأنه من اتخذ خلا فعليه أن يفسده قبل أن يتخمر: بأن يصب في العصير خلا، وغير ذلك مما يمنع تخميره، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن الخليطين) (١٣) لئلا يقوى أحدهما على صاحبه، فيفضي إلى أن يشرب المسكر من لا يدري. ونهى عن الانتباذ في الأوعية التي يدب السكر فيها ولا يدري ما به، كالدباء، والحنتم، والظرف المزفت، والمنقور من الخشب، وأمر بالانتباذ في السقاء الموكاء، لأن السكر ينظر: إذا كان في الشراب انشق الظرف، وإن كان في نسخ ذلك أو بعضه نزاع ليس هذا موضع ذكره.
فالمقصود سد الذرائع المفضية إلى ذلك بوجه من الوجوه.
وكذلك كان يشرب النبيذ ثلاثا، وبعد الثلاث يسقيه، أو يريقه. لأن الثلاث مظنة سكره، بل كان أمر بقتل الشارب في الثالثة أو الرابعة. فهذا كله (١٤) [سدا للذريعة]، لأن النفوس لما كانت تشتهي ذلك، وفي اقتنائها
(١٢) هو أبو عبد الرحمن: عن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي: شيخ الإسلام، الحافظ، المجاهد، جمع العلم والشجاعة والسخاء، علم من أعلام الحديث والفقه والعربية والتاريخ، من سكان خراسان (١١٨ - ١٨١ هـ).
(١٣) متفق عليه.
(١٤) إشارة من المحقق إلى وجود بياض في الأصل.
56