فتاوى الخمر والمخدرات
فتاوى الخمر والمخدرات
تحقیق کنندہ
أبو المجد أحمد حرك
ناشر
دار البشير والكوثر للطباعة والنشر
وقد يرخص في بعض ذلك إذا لم يكن فيه مضرة راجحة، لكن لا يوكل به المال، ولهذا جاز السباق بالأقدام، والمصارعة، وغير ذلك، وإن نهي عن أكل المال به. وكذلك رخص في الضرب بالدف في الأفراح، وإن نهي عن أكل المال به. فتبين أن ما نهي عنه من ذلك ليس مخصوصا بالمقامرة، فلا يجوز قصر النهي على ذلك. ولو كان النهي عن النرد ونحوه لمجرد المقامرة لكان النرد مثل سباق الخيل، ومثل الرمي بالنشاب، ونحو ذلك، فإن المقامرة إذا دخلت في هذا حرموه مع أنه عمل صالح واجب أو مستحب، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا) (٧) و(من تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا) (٨). وكان هو وخلفاؤه يسابقون بين الخيل، وقرأ على المنبر: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)) (٩) .. الآية ثم قال: (ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي) (١٠) فكيف يشبه ما أمر الله به ورسوله واتفق المسلمون على الأمر به بما نهى الله ورسوله وأصحابه من بعده؟ وإذا لم يجعل الموجب للتحريم إلا مجرد المقامرة كان النرد والشطرنج كالمناضلة.
● الوجه الثاني:
أن يقال: هب: أن علة التحريم في الأصل هي المقامرة لكن الشارع قرن بين الخمر والميسر في التحريم، فقال تعالى: ((إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة: فهل أنتم منتهون)) (١١)؟ فوصف الأربعة بأنها رجس من عمل الشيطان. وأمر باجتنابها، ثم خص الخمر والميسر بأنه يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم
(٧) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي.
(٨) رواه مسلم.
(٩) جزء من الآية ٦٠ من سورة الأنفال.
(١٠) رواه مسلم عن عقبة بن عامر.
(١١) من الآيتين ٩٠، ٩١ من سورة المائدة.
55