48

فتاوى الخمر والمخدرات

فتاوى الخمر والمخدرات

تحقیق کنندہ

أبو المجد أحمد حرك

ناشر

دار البشير والكوثر للطباعة والنشر

إنى فعال لما أريد. ومثل هذا ونحوه يروى عن الربيع بن خيثم المخبت المنيب الذي هو أفضل الكوفيين، أو كأفضلهم، وعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الهادي المهدي، وخلق كثير لا يحصون عددا.

ولست أعلم سالفا أوجب التداوي، وإنما كان كثير من أهل الفضل والمعرفة يفضل تركه تفضلا واختيارا، لما اختار الله ورضي به، وتسليما له. وهذا المنصوص عن أحمد وإن كان من أصحابه من يوجبه، ومنهم من يستحبه، ويرجحه. كطريقة كثير من السلف استمساكا لما خلقه الله من الأسباب، وجعله من سنته في عباده.

● ثالثها:

أن الدواء لا يستيقن، بل وفي كثير من الأمراض لا يظن دفعه للمرض، إذ لو اطرد ذلك لم يمت أحد، بخلاف دفع الطعام للمسغبة والمجاعة، فإنه مستيقن بحكم سنة الله في عباده وخلقه.

● رابعها:

أن المرض يكون له أدوية شتى، فإذا لم يندفع بالمحرم انتقل إلى المحلل، ومحال أن لا يكون له في الحلال شفاء أو دواء، الذي أنزل الداء أنزل لكل داء دواء إلا الموت، ولا يجوز أن يكون أدوية الأدواء في القسم المحرم، وهو سبحانه الرؤوف الرحيم. وإلى هذا الإشارة بالحديث المروي: (إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها) (٦) بخلاف المسغبة فإنها وإن اندفعت بأي طعام اتفق، إلا أن الخبيث إنما يباح عند فقد غيره، فإن صورت مثل هذا في الدواء فتلك صورة نادرة، لأن المرض أندر من الجوع بكثير، وتعين الدواء المعين وعدم غيره نادر، فلا ينتقض هذا. على أن في الأوجه السالفة غنى (٧).

(٦) رواه الشيخان وأحمد وابن ماجه ومعناه عند الترمذي وأبي داود.

(٧) لا أشك في أن هذا الوجه الرابع هو عمدة الأوجه في الرد على من قال بإباحة التداوي بالمحرمات، إذ لا يسهل التسليم بانتقاص الأوجه السابقة من التداوي مطلقا، لتعارض ذلك مع مشروعية الأخذ بالأسباب، وأمره الله بالتداوي.

48