فتاوى الخمر والمخدرات
فتاوى الخمر والمخدرات
ایڈیٹر
أبو المجد أحمد حرك
ناشر
دار البشير والكوثر للطباعة والنشر
● الفتوى الثلاثون(١٠٢-١٠٣/ ٣٣)
وسئل رحمه الله عن (السكران غائب العقل) هل يحنث إذا حلف بالطلاق أم لا؟
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين. هذه المسألة فيها (قولان) للعلماء. أصحهما أنه لا يقع طلاقه، فلا تنعقد يمين السكران، ولا يقع به طلاق إذا طلق وهذا ثابت عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ولم يثبت عن الصحابة خلافه فيما أعلم، وهو قول كثير من السلف والخلف: كعمر بن عبد العزيز وغيره وهو إحدى الروايتين عن أحمد: اختارها طائفة من أصحابه، وهو القول القديم للشافعي، واختاره طائفة من أصحابه، وهو قول طائفة من أصحاب أبي حنيفة؛ كالطحاوي(٢). وهو مذهب غير هؤلاء.
وهذا القول هو الصواب، فإنه قد ثبت في الصحيح عن ماعز بن مالك(*) لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقر أنه زنى: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنكهوه)(٣) ليعلموا هل هو سكران؟ أم لا؟ فإن كان سكران لم يصح إقراره، وإذا لم يصح إقراره علم أن أقواله باطلة، كأقوال المجنون، ولأن السكران وإن كان عاصيا في الشرب فهو لا يعلم ما يقول. وإذا لم يعلم ما يقول لم يكن له قصد صحيح (وإنما
(٢) هو أبو جعفر: أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي: فقيه شافعي تحول إلى الحنفية، وانتهت إليه رياستهم في مصر، ولد في (طحا) من صعيد مصر (٢٣٩ هـ) وتوفي بالقاهرة (٣٢١ هـ)، له مصنفات عديدة في الفقه وأحكام القرآن والحديث والسنة.
(٣) رواه مسلم. والاستنكاه: شم رائحة الفم.
(*) هو ماعز بن مالك الأسلمي: كان يتيما عند أبي نعيم بن هزال من بني مالك بن أفصى، وكان محصنا، فلما زنى بامرأة يقال لها (مهيرة) أمره أبو نعيم بإخبار النبي ففعل، وعند رجمه فر يعدو فأدركه عبد الله بن أنيس فلم يزل يضربه حتى قتله، فقال رسول الله: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه؟ ثم قال لابن هزال: بئس ما صنعت بيتيمك، لو سترت عليه بطرف ردائك لكان خيرا لك. وصرف (مهيرة) لم يسألها عن شيء، وقال عن ماعز: لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لوسعتهم.
151