Fatawa al-Ghazali

فتاوى الغزالي

تحقیق کنندہ

مصطفى محمود أبو صوى

ناشر

المعهد العالي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية

اشاعت کا سال

1417 ہجری

فتاوى الإمام الغزالي

(١١١١-٥٠٥/١٠٥٨ - ٤٥٠ هـ)

حققها وقدم لها وعلق عليها مصطفى محمود أبو صوي

1

فتاوى الإمام الغزالي

(١١١١ - ١٠٥٨ م / ٥٠٥ - ٤٥٠ هـ)

حقّقه و قدّم له وعلّق عليه

مصطفى محمود أبو صوی
(ماجستير ودكتورة من كلية بوسطن)
زمالة البحث العالي (١٩٩٦ - ١٩٩٥)
المعهد العالي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية

المعهد العالي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية

(ISTAC) كوالا لمبور
١٩٩٦

2

-

3

بسم الله الرحمن الرحيم

تصدير

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد :

فهذه فتاوى الغزالي ترى النور لأول مرة بعد أن ظلت رهينة الخزائن ردحاً من الزمن، وهي تطبع لأول مرة، وقد قام بنشرها مشكوراً المعهد العالي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية بماليزيا. وأخص بالشكر مدير المعهد الأستاذ الدكتور سيّد محمد نقيب العطّاس لغيرته على التراث الإسلامي وملاحظاته القيمة. وأشكر الصديق العزيز الأستاذ الدكتور مجاهد مصطفى بهجت لمراجعته لغة الكتاب وتصحيحه تجارب الطبع.

وآمل أن يكون في نشر هذه الفتاوى منفعة لطلبة العلم والمهتمين بالغزالي، وإلقاء الضوء على مأثرة أخرى من مآثر الحضارة الإسلامية المبنية على القرآن والسنة، ليس تغنياً بالماضي، وإن كان يحق لنا الفخر به، ولكن بحثاً عن العبر للتسديد ودفعاً لعجلة المستقبل على المسار الصحيح.

قال تعالى: "قد جاءکم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم". (المائدة: 15 - 16). والحمد لله رب العالمين.

الدكتور مصطفى محمود أبو صوي

كوالا لمبور - ماليزيا
1995 / 11 / 14

1

المقدمة

إن الكثيرين من المثقفين المسلمين اليوم يظنون أن الدراسات حول الغزالي قد انتهت وأن الدروس من إرثه قد استنفدت ولكن الصحيح أنه لا زالت بعض كتب الغزالي لم تحقق ومنها هذا الكتاب وهو في مائة وتسعين فتوى تدور حول قضايا كثيرة ومختلفة منها ما يجزم بنفعها في أيامنا هذه، ومنها ما لا يمت إلى عصرنا هذا بصلة.

والقضية هنا ليست قضية فتاوى ولكنها كيفية التعامل مع العلماء الذين أسهموا بشكل متميز في صياغة الفكر الإسلامي، فلا نزال نتخبط بين الإفراط والتفريط:

فالأول: يحمل في ثناياه إضفاء صفة القداسة على كل ما يتعلق بهؤلاء العلماء فينكر على من خالفهم في رأي أو ابتعد عن مذهب أحدهم قيد أنملة، ويظنون أن السلامة تكمن في التقليد، ومن هنا ظلت عقلية المدارس هي المسيطرة على أفكار الكثيرين، وهكذا وجدنا أن المثقف المسلم حبيس إطار مغلق اصطنعه لنفسه فإذا هو ينتمي إلى مدرسة كذا، ينافح عنها ويدافع عن كافة مواقفها كأنّ لسان حاله يدعي العصمة لها، بل حينما اضطررت أحد أبناء مدرسة فقهية معينة، وقد كان يُدَرِّس فقه تلك المدرسة إلى بيان سبب أخذه بقول أحد العلماء حول طول مدة الحمل، علل قبوله بأنه يحب ذلك العالم، فكأنما الذي يخالفه يكرهه!

والآخر: ممن فرَّط بعلاقته مع الإرث الفكري للعلماء المسلمين، فقد توهم أن التقدم والازدهار إنما يتم بالانسلاخ عن هذا الإرث تحت دعوى تغير الظرف والمكان. إن من عدل

2

المفكر المسلم المعاصر أن ينزل علماء الأمس مكانتهم وأن يعرض ما كتبوه على القرآن والسنة، وحيثما احتاج الأمر أن يستنير بقول أهل الاختصاص، كالطبيب مثلًا، فعل ذلك، دونما حرج، ولا شك أن المجامع الفقهية اليوم تفي بالغرض المطلوب.

3

الغزالي والفتاوى

إن غرضي هنا هو تقديم هذه الفتاوى للقارىء المتخصص ولذلك لا أجد داعياً للحديث عن الغزالي إلاّ فيما يتعلق بالفتاوى لسهولة الرجوع إلى الكثير مما كتب عنه.

فهذه الفتاوى مجموعها مائة وتسعون فتوى مما يقطع بنسبتها إلى الغزالي، فقد ذكرها السبكي مفرداً إياها عن الفتاوى المتناثرة التي أصدرها الغزالي في مناسبات مختلفة.

وذكرها أيضا ابن العماد2 وهو بصدد ذكر كتب الغزالي: (وكتاب الفتاوى له، مشتمل على مائة وتسعين مسألة، وهي غير مرتبة، وله فتاوى أخرى غير مشهورة أقل من تلك).

والمرتضى الزبيدي يقول: (الفتاوى مشتملة على مائة وتسعين مسألة، غير مرتب).

وقد نص عبد الرحمن بدوي، أن هذا بعينه مأخوذ عن (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبه.

وقد كان من الواضح أن عبد الرحمن بدوي لم يطلع على هذه الفتاوى إذا لم يذكر عن فحواها شيئاً ولكنه ذكر أن هنالك مخطوطاً في الظاهرية بدمشق برقم: فقه شافعي (374، عام 254).

وأما إثبات صحة نسبة الفتاوى إلى الغزالي في أصل

  1. السبكي، طبقات الشافعية الكبرى: 6/226.

  2. ابن العماد، شذرات الذهب: 4/12.

  3. المرتضى الزبيدي، اتحاف السادة المتقين 1/42.

  4. عبد الرحمن بدوي، في مؤلفات الغزالي: 44.

4

المخطوطة، فنجد في مقدمة المخطوطة الأم (ع) يقول الناسخ الإمام النعيمي، صاحب (الدارس في تاريخ المدارس).

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين.

هذه فتاوى أفتى بها حجة الإسلام أبو حامد محمد ابن محمد بن محمد الغزالي (رحمه الله تعالى) استفتاه فيها بعض الفقهاء لغموضها وهي مائة وتسعون مسألة أ. هـ.

مسألة:

إذا أشكلت عليه الأواني فتوضأ من غير تحرِ ثم .......... إلى آخره، كذا وجدت في نسخة، ووجدت في أخرى ما ذكرته بهامش باطنها والذي نراه في الأصل هو في نسخة المصنف بخطه وهو أمر غريب نادر وفيها بعض اختلاف عن لبعض النُسخ الأخرى وأظنها نسخته لنفسه (رحمه الله) وعليها خط الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن أبي عصرون! شاهداً بأنها خط الغزالي (رحمه الله تعالى).

وعلى هذا يكون الإمام النعيمي قد استنسخ من نسخة الغزالي، وفي مقدمة هذه النسخة على لسان الغزالي ما يتفق مع سيرة الغزالي حيث يقول فيها:

  1. الشيخ عبد العزيز هو حفيد عبدالله بن أبي عصرون الفقيه الشافعي، وهو من مواليد الموصل عام (492 هـ) أي قبل وفاة الغزالي بحوالي ثلاثة عشر عاماً، وقد أسس المدرسة العصرونية في دمشق. توفي عام (585 هـ).

5

(إذ الطالب للجواب عنها عازم على السفر والعود إلى الوطن).

وإذا قارنا هذا مع المنقذ من الضلال: حيث يقول الغزالي بعد انتهاء سياحته التي ابتدأها بعد تركه التدريس في المدرسة النظامية ببغداد:

(ثم جذبتني الهمم ودعوات الأطفال إلى الوطن)، إذا قارنا ها جعلت الأولى دعامة أخرى في توطيد نسبة الفتاوى للغزالي، والثانية أساساً في توقيتها، وعلى هذا أرجّح أنها كتبت بعد عودته إلى بغداد وقبل سفره إلى طوس، بعد جمادى الآخرة عام (490 هـ).

1 - الإمام الغزالي، المنقذ من الضلال: 49 تحقيق محمد محمد جابر. المكتبة الثقافية.

6

منهج التحقيق

لقد قمت بتحقيق فتاوى الغزالي على الأسلوب المتبع عند المحققين لكتب التراث الإسلامي.

وقد حصلت على نسختين للفتاوى في مكتبة (جامعة برنستون)، واتخذت نسخة الإمام النعيمي أمّاً أقابل عليها الأخرى.

وأما النسخة الأم فقد رمزت لها بـ (ع) والثانية بـ (د) وقد قمت باختيار الأصح ما أمكن في عملية إعادة بناء نص الفتاوى على ما حصلت عليه من النسخ، حيث لم أستطع الحصول على نسخة الظاهرية بدمشق رغم قيامي بعدة محاولات على مدار سنوات طويلة. ولم أعلم إلا مؤخراً من السيد (نظام اليعقوبي) بوجود مخطوط رابع في مكتبة الفاتيكان.

وحيثما وجدت لفظاً غريباً شرحته معتمداً في ذلك على (لسان العرب) لابن منظور الإفريقي، وخرجت الأحاديث المذكورة في هذه الفتاوى وإن قلت، وجعلت فهرساً لكل الفتاوى الواردة في النص.

1 - باحث من البحرين يقدم رسالة الدكتوراه لجامعة ويلز في بريطانيا حول فتاوى الغزالي، وتمتاز دراسته بمقارنة فتاوى الغزالي بفتاوى علماء آخرين مما يزيد في نفعها إن شاء الله.

7

نسخ الكتاب

1 - نسخة (ع) تاريخ نسخها (868 هـ). وهذه النسخة موجودة في مكتبة جامعة برنستون ضمن مجموعة (Garrett) برقم (1402) ورقم المجموع (4152).

وقد نسخها العلامة عبد القادر بن محمد النعيمي الشافعي من نسخة شهد عليها الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبدالله بن أبي عصرون أنها بخط الغزالي (رحمه الله) وهذا يجعلها في غاية الأهمية.

وقد كتب على صحيفة العنوان اسم الكتاب واسم مؤلفه كالآتي: (فتاوى حجة الإسلام الغزالي). وقد أحيط بفوائد تنهى عن المسألة، وقول ابن خلكان في اسم الغزالي، وقول في ترتيب قصّ الأظافر، مما لا يشهد له نقل ولا عقل، ثم كلام النعيمي على النحو الآتي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيد المرسلين محمد وآله أجمعين، هذه فتاوى أفتى بها حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي (رحمه الله تعالى)، استفتاه فيها بعض الفقهاء لغموضها وهي (مائة وتسعون) مسألة.

مسألة:

إذا أشكلت عليه الأواني فتوضأ من غير تحر ثم ..... إلى آخره.

8

كذا وجدت في نسخة، ووجدت في أخرى ما ذكرته بهامش باطنها، والذي نراه في الأصل هو في نسخة المصنف بخطه وهو أمر غريب نادر، وفيها بعض اختلاف عن بعض النسخ وأظنها نسخته لنفسه (رحمه الله تعالى)، وعليها خط الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبدالله بن أبي عصرون، شاهداً بأنها خط الغزالي (رحمه الله).

ويتضح أن الإمام النعيمي قد قابل هذه النسخة على غيرها وعلى ذيل الصفحة الأخيرة كلام الغزالي الآتي:

(هذه أجوبة هذه المسائل على ما اقتضاه النطق في الحال مع الرمز إلى العلل على إيجاز لم يحتمل مزج البياض أكثر منه وليس تنفك بعض الأجوبة عن مزيد غموض يفتقر في كشفه إلى مزيد إيضاح وإن كان في مرامز الكلام ما يتشبه عليه النطق إذا أمعن في التفصيح).

والنسخة الثانية فيها عدة سطور إضافية تكمل ما انقطع في هذه النسخة، على أن هذه النسخة أوضح وأكمل وأقرب إلى الصواب ويستدل على ذلك من الهوامش.

وقد رمزت إليها بـ(ع) نسبة إلى الشيخ عبد العزيز، ومن الجدير بالذكر أن الإمام النعيمي ذكر في هامش هذه النسخة أقوال بعض علماء الشافعية مقارنة مع أجوبة الغزالي في كثير من المواضع، ولكني لم أثبتها لأنها ليست من النص، وإنما غرضي هو تقديم الفتاوى كما هي.

2 - نسخة (د) عليها تمليك (سنة 1153 هـ).

هذه النسخة أيضاً من مكتبة جامعة برنستون برقم

9

(1418) وهي تقع في مجموع برقم (547). وقد كتب على صفحة العنوان اسم الكتاب ومؤلفه كالآتي:

"كتاب فتاوى الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام ومفيد الأنام وحجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد ابن محمد الغزالي الشافعي قدس الله روحه ونوَّر ضريحه".

وعليها تمليك وختم:

"الحمد لله تعالى، دخل ولله الحمد والمنة في ملك أفقر العباد وأحوجهم إلى الملك الجواد عبد الكريم بن محمد ابن عبدالحي أحمد العماد في شهر جمادى الأولى في (سنة 1153)".

ودخولها في ملكه قد يشير إلى احتمال استنساخها قبل ذلك والله أعلم.

وأما الصفحة الأخيرة فقد كتب عليها الآتي:

"..... النطق إذا أمعن في التفصيح، والاعتماد في بعض الفتاوى على التغال في الاحتمال على نوع من الحدس، وظهور ميلي في الفتاوى تكاد العبارة تقصر عن الإعراب عنه، ولولا أن الشرع رخص لكل ناظر في استيفاء الاحتمالات لكان المتدين الفقير يدعو أن يمتطي في سبيل الحصر في فتاويه، والله ولي التجاوز مما جرى به القلم أو زل الخاطر فيه، والله سبحانه أعلم، تمت الفتاوى والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين."

وقد كتبت على نفس الصفحة الأخيرة بعد انتهاء فتاوى

10

الغزالي فتوى حول عدم صحة إسلام الذمي المكره.

ملاحظات حول الفتاوى

تطرقت الفتاوى إلى موضوعات شتى مثل: الطهارة، والصلاة، والعقود والبيوع، والإجارة والوكالة، والوقف، والمواريث، والودائع، والنكاح، والطلاق، والأيمان والنذور، والقضاء، بالإضافة إلى فتاوى أخرى متنوعة الأغراض.

ولقد كنت آمل أن أجد في هذه الفتاوى ما يماثل فتواه ليوسف بن تاشفين بخلع ملوك الطوائف1 بحيث تلقي مزيداً من الضوء على علاقة الغزالي (رحمه الله) بقضايا الساعة، والحياة السياسية، والفكرية في ذلك الوقت، وهذا يتناسب أكثر مع المنحى الفكري الذي اتخذته في دراسة الغزالي لسنوات طويلة، ولكن جعبة الغزالي لم تخل من فتاوى لها أبعاد فكرية سبق بها أدعياء حقوق الإنسان في الغرب.

وقد وجدت أن من أبرزها الفتوى رقم (51) والتي تدور حول حقوق السجين حيث بَيَّن الغزالي إمكانية استمتاع السجين بزوجته والتحدث إلى أصدقائه، ولكنه ترك ذلك إلى القاضي حسب الحالة، ثم كانت لهجة الغزالي أوكد في حق السجين بأن يصلي الجمعة خارج السجن إلا إذا كانت المصلحة تقتضي بقاء السجين في معزل عن الناس، لخطورته مثلًا.

وتعريف الغزالي للحبس يدل على أنه عقوبة في حد ذاته.

1 - ذكرها عبد الرحمن بدوي في مؤلفات الغزالي: 44، نقلًا عن تاريخ ابن خلدون: (187/6، القاهرة بولاق (سنة 1284)).

11

يُمنع بها من حرية الحركة، ويلزم السجين بمكان واحد، وهذا مما يرهقه ويجعله يضيع حقوق الناس، أو تعزيراً له على فعله وجنايته فلا يعود لمثلها وتكون عبرة لغيره.

والسجين هنا إما أنه ينتظر إقامة حد أو أن جنايته لا حدَّ فيها فيكون السجن من باب التعزير في القضايا اليسيرة فعقوبة السجن ليست أساساً في نظام العقوبات الإسلامي حيث نص القرآن على العقوبة الجسدية الرادعة، وما التحلل والانهيار الخلقي في المجتمعات المعاصرة وتفشي الجريمة إلا نتيجة التساهل مع عتاة المجرمين.

والسماح للسجين بأن يستمتع بزوجته يحد من الممارسات غير الأخلاقية التي عرفت بها السجون، وفي نفس الوقت يضمن حق الزوجة الشرعي.

وأما التحدث إلى أصدقائه فهذا مما يبقي على الصلة الاجتماعية مع الناس، ويمكن أهله وأصحابه من الاطمئنان عليه.

وبالنسبة لخروجه إلى الجُمَع فهو يؤدي واجباً يمكنه من الاحتكاك بجمهور المصلين، ولعل في ذلك عبرة أقوى له ولغيره، ورب كلمة من خطيب قد تجد لها موقعاً في قلب السجين فيبادر إلى التوبة، وهذا فيه إصلاح له وبالتالي للمجتمع، وقد تقاس صلاة العيد على الجمعة مع الفارق.

وكل هذا متروك الفصل فيه إلى القاضي والظروف المحيطة بكل سجين على حدة. وتطبيق هذه المسألة في أيامنا هذه أسهل لوجود قيود (أساور) إلكترونية تبث إشارات لا

12

سلكية إلى جهاز مركزي يراقب حركة السجين ولا يستطيع السجين نزعها.

وفي الفتوى رقم (69)، ذهب الغزالي إلى أن الإيفاء بالعقود مقدم على تنفيذ مدة الحبس إذا تعذر على السجين أن يجمع بينهما، أي أن ينفذ المطلوب منه وهو بالسجن، إذا لم يخش عليه الهرب طوال مدة العمل.

وهذه الفتوى تقدم حقوق الناس وتظهر عدم آلية تطبيق عقوبة السجن، حينما لا يشكل السجين خطراً على المجتمع.

13

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مسائل شتى من مواضع متفرقة لم يقع الى طالب الجواب عنها شطون بها تأملته من كتب الأصحاب، ومنها ما ظهر لبعض متقدمي الأصحاب فيها الجواب، وأحب أن يعرف جواب غيره فيها، والمسؤول من السادة الأئمة أحسن الله توفيقهم استيفاء الجواب عن كل مسألة ورفع ما يورد عليه من الأسئلة ليزول عنه اللبس وهي من المسائل التي أكثرها يعم البلوى بها، ولا يلحقهم من كثرتها الضجر، فالثواب على قدر النصب، وأنها خففت في السؤال عند ضيق الوقت عن نسخها على الأيام وتوزيعها على الأزمان، إذ الطالب للجواب عنها عازم على السفر والعود إلى الوطن. منها مسائل ليست داخلة في حيّز الإشكال وإنما هي كثيرة النزول، وقد تقع في موضع يقل فيه وجود أهل العلم.

فربما لبّس مُلبّس أو تمنى متمن فيكون مخطوط أهل العلم على حجة، وللقاصد إلى الصواب محجة، والله تعالى يجعل ما اعتمدته من ذلك خالصاً لوجهه ويجزل لهم على ذلك الثواب ويوفقهم للحق والصواب.

ولما رأيت أنها تأخذ نصيباً من أكثر أبواب الفقه، رتبتها على ترتيب وجعلت لشيء من العبادات في ذلك حظاً لتكون الفائدة عامة، وبالله التوفيق. هـ

1 - في (ع) ظفر.

14

بسم الله الرحمن الرحيم

فتاوی وأجوبه1

[ الحمد لله رب العالمين والصلوة على سيد المرسلين وآله أجمعين].

مسألة 1

إذا أشكلت عليه الأوانى فتوضأ من غير (تحرِ)3 ثم بان ( أن الذي توضأ به كان هو الطّاهر )4؛ فإن صحت طهارته ( فلم إذا)5؛ كان مثله في القبله ( لم تصح)6؟ صلاته، (وإن لم تصح طهارته فالذي )" لو كان أحدثه من غائط ونوى رفع حدث البول صحت طهآرته لأن نیته رفع الحدث، ( کذي)8: هاهنا، قد نوى رفع الحدث والماء صالح له، وكذلك ( إِذا)9 صلى في بيته ثم أتى (جماعة وأعاد تلك الصلاة)10 ثم بان (أن الأولى )11 كانت فاسدة

  1. زياده في (ع).

  2. افتتاحية ؟ الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين، هذه فتاوى أفتى بها حجة الإسلام أبو حامد محمد ابن محمد بن محمد الغزالي ( رحمه الله ) استفتاه بها بعض الفقهاء لغموضها وهي مائة وتسعون مسألة.

  3. ع : نحري.

  4. د: بان أنه توضأ بالطاهر.

  5. فلم لا إذا.

  6. د : تصح.

  7. د : وأليس.

  8. د : كذلك.

  9. د : لو.

  10. د : الجامع وأعادها.

  11. د : إن الصلاة الأولى.

15

أجزأته صلاته .

الجواب: يصح الوضوء لأن فعل الاستعمال غير واجب عليه وإنما عليه التمكين مما هو فعل الماء وهو التطهير ورفع الحدث، وتردده في كون الفاعل متصفاً بشروطه لا يقدح في قصد (التمكين)1 للماء من فعله، فالماء هو (النافع عند قصده لا بقصده)2 والصلاة تصير امتثالاً بقصده (والقصد)3 علة وجود الأفعال الصادرة من القاصد على وجوهها المخصوصة، (فتأثر الفعل)4 بتأثير القصد، ويتأثر القصد بتأثير الاعتقاد في التردد والجزم (و)5 مالا يقصد فيه فعل المكلف ويشترط فيه النية لنوع من التمييز (فضاهى)6 نية قضاء الدين (بشيء)7 يشك (في أنه)8 ملكه أو ملك غيره فبان أنه ملكه فتبرأ به ذمته.

  1. د: الممكن.

  2. د: الرافع في قصده لا بعد قصده.

  3. د: فالقصد

  4. د: فيتأثر الفعل بها.

  5. سقطت من د

  6. د: تضاهي.

  7. د: بدراهم.

  8. د: أنها.

16

مسألة 2

إذا كان معه (قمقم فيه)1 ماء نجس، (فأنزله)2 في بئر فيها أكثر من قلتين (وفمه مفتوح حتى غمره الماء، هل يطهر ما فيه)3.

الجواب: الماء إنما يكثر بغيره إذا اتصل به وهذا طلب لحد الاتصال، ومهما اتسع رأس (القمقم)4 حصل (الاتصال)5 وإن (تضايق)6 لم يحصل، وربما (يشك)7 في مقدار الاتصال فأقرب (ضابط له)5 سراية الحركة فإذا حرك الماء حركة عنيفة بالغة (ولم)8 يتحرك ما في القمقمة لضيق رأسها، فلا اتصال، (وإن)10 تعدى (الحركة)11 فله حكم الاتصال.

1- د: قمقمة فيها وفي الأصل "قمقما".

2- د: فأرسلها.

3- د: الماء وفمها مفتوح حتى غمرها الماء هل يطهر ما فيها من الماء.

4- د: القاه.

5- د: الاتفاق.

6- د: ضاق.

7- د: شك.

8- د: ضابطه.

9- ع: لم.

10- د: فإن.

11- سقطت من د.

17