فتاویٰ
الفتاوى البزازية أو الجامع الوجيز في مذهب الامام الأعظم أبي حنيفة النعمان
اصناف
الرابع عشر في دعوى الإبراء والصلح ذكر القاضي دعوى البراءة عن الدعوة لا يكون إقرار بالدعوى عند المتقدمين وخالفهم المتأخرون ودعوى البراءة عن المال إقرار وقول المتقدمين أصح وفي الأجناس مالي حق في أرض ولا دار ثم برهن على دار في آخر يقبل وعن محمد رحمه الله أبرأتك عن هذه الدار أو من دعواي أو برئت من هذه الدار جاز ولاحق له فيها وذكر الناطقي رحمه الله أن هذه الألفاظ الثلاثة لا أثر لها حتى لو ادعى بعد ذلك يصح ولو برهن يقبل بخلاف ما لو قال برئت من هذه الدار أو من دعواي أو من خصومتي فيها فإنه جائز ولا يسمع الدعوى ولا البرهان بعده لأن قوله أبرأتك خاطب الواحد فيه فله أن يخاصم غيره بخلاف برئت لإسناده إلى نفسه فعليه الامتناع المطلق وقوله أنا بريء من العبد على هذا لو قال أبرأت ينبغي أن يكون كبرئت أجيب بأن المخاطب يتعين بالخطاب وإن لم يسند إليه باعتبار المقام وعلى ما ذكر من العلة ينبغي أن يكون برئت كابرأتك إلا أن يقال برئت ببرائتي عنه فيكون مضافا إلى نفسه والتعليل المذكور في الكفالة أن البراءة المبتدأة من المطلوب المنتهية بالطالب لا تكون إلا باستيفاء والإيفاء والإبراء المسند إلى الطالب لا يكون إلا بالإسقاط والإسقاط لا يتصور في الأعيان والاستيفاء يتصور فيصح الإقرار بالاستيفاء لا بالإسقاط يدل على عدم الفرق بين برئت وأبرأت وفي الناطقي لو قال لعبد في يدر جل برئت من هذا العبد كان بريئا منه العبد لو قال خرجت مننه ليس له أن يدعي لو قال أبرأتك عن هذا العبد يبقى وديعة عنده ويكون إبراء عن ضمان قيمته* وفي الأصل أقر رجل أنه لا حق له قبل فلان فهو جائز عليه ويدخل فيه كل عين ودين وكفالة وإجارة وحد وجناية وكذا لو قال هو بريء مما لي عليه لكنه لا يدخل فيه الأمانة كالوديعة والعارية ولو قال هو بريء مما لي عنده يدخل الأمانة أيضا لا المغصوب ولو قال هو بريء مما له قبله دخل المغضوب والأمانات أيضا وعلى هذا الأولى أن يكتب في صكوك البر وآت العامة هذا اللفظ حتى يدخل الكل وقوله أنا بريء من هذه الدار وإقرار بأنه لا حق له فيها وقول رجل منها لا يكون إقرار بشيء بخلاف درهم أو على مائة وقبضتها فإنه إقرار بعدم الحق له فيها ولو قال أنا بريء من هذا العبد أو خرجت من هذا العبد أو خرج هذا من ملكي ثم ادعاه لا يقبل بخلاف قوله خرجت من هذه الدار* وفي الأقضية ادعى عليه ألفا في صك فجاء المدعي عليه بخط البراءة إن كانا ذا تاريخ وتاريخ الوجوب إن سبق تاريخ الإبراء وتاريخ الإبراء إن سبق تاريخ الوجوب وإن خليا عن التاريخ أو خلا أحدهما نعمل بتاريخ الإبراء ونجعله مؤخرا* أبرأه عن الدعوى ثم ادعى عليه إرثا عن أبيه إن كان مات أبوه قبل الإقرار لا يصح الدعوى وإن كان لا يعلم موت مورثه وقت الإبراء يصح وإذا لم يضف الوكيل الإبراء إلى الموكل لا يصح* ادعى المديون أن الدائن كتب على قرطاس بخطه أن الدين الذي لي على فلان بن فلان أبرأته عنه صح وسقط الدين لأن الكتابة المرسومة المعنوية كالنطق به وإن لم يكن كذلك لا يصح الإبراء ولا دعوى الإبراء ولا فرق بين أن تكون الكتابة بطلب الدائن أو بطلبه ولو قال تركت الدين الذي عليك لا يكون إبراء ويحمل على ترك الطلب في الحال ولو قال تركت حقي من الميراث أو برئت منه أو من حصتي لا يصح وهو على حقه لأنه الإرث جبري لا يصح تركه* برهن على إبرائه من المغضوب لا يكون إبراء عن قيمته وإنما هو إبراء عن ضمان الرد عن ضمان القيمة لأن الواجب حال قيامه الرد لا القيمة فكان إبراء عما لا يجب عليه وفيه نظر لما تقرر في كتاب الرهن والغضب أن الواجب الأصلي ضمان القيمة ورد العين مخلص حتى اعتبر قيمته يوم الغصب وصح الرهن والكفالة بالعين والقيمة كما برهن عليه في المطولات كالظهر فإنه واجب أصلي يوم الجمعة لكنه مأمور بإساقطه بالجمعة عندنا والمرضي أن يقال أنه أضاف الإبراء إلى المغصوب وما ورد عليه الغصب هو العين لا القيمة والإبراء عن المغصوب في المختار إبراء عن ضمانة حتى ينقلب بعد الإبراء أمانة* قيل لصاحب الدين ازين مبلغ جيزي بمان فقال ما ندم يكون إسقاطا له* قال المدعي للمدعي عليه بعد الخصومة وهبت وتركت لا يكون إبراء ما لم يقل منك بخلاف ما إذا قال المدعي عليه أبرئتني مالك على أوهب لي فقال وهبت أو تركت أو أبرأتن لخروجه مخرج الجواب* ولو قال مرا بفلان كانيست لا يكون إبراء* أنكر المدعي عليه كون الدار المدعانة في يده فقال المدعي من أين خانه را بمدعي عليه أرزاني داشتم بطل دعواه ولا يسمع إلا بسبب حادث لأنه للتمليك عرفا ذكره القاضي* قال من كان لي عليه شيء فهو في حل قال محمد رحمه الله هو على دعواه وقال الثاني رحمه الله هو دعواه في العين القائم لا في الدين ولو قال لمديونه مرا باتودرينا حساب نيست درقيامت هست أو قال لا حساب لي معك لا يكون إبراء ولو قال مرا ازنوجيزي نمي بايد أو قال جيزي خواستي نيست يكون إقرار بفراغ ذمته* قيل له أز فلان تراجيزي بايد فقال لا أو قال في الجواب حين قيل لك فلان مقدار كذا قائل سمعنا أكثر منه فقال ليس أزيد منه ثم ادعى الأكثر في المسألة الثانية أو شيئا في السمئلة الأولى لا يسمع وقوله هرجه بوديافتم إقرار بالاستيفاء وقوله داركارخداي كردمت أو بخداي ما ندمت إبراء* قيل للدائن أمهله فقال إن كان المال لي أمهلته كان أمها لا يإلا يكون قرضا فلو قال المال لغيري وأنا وكيله لا يسمع * أبرأ عن الدعاوى ثم ادعى عليه بالوكالة أو الوصاية عن غيره صح* ما دمت حيا لا دعوى لي معك يكون إبراء أبدا لأنه إسقاط والإسقاط لا يتوقف حتى لو قال أبرأتك سنة لا يصح الدعوى بعدها أصلا قال المديون لرب الدين تركت الأجل لك حل ما عليه من الدين* قال لمديونه أبرئ نفسك عن ديني فأبرأ صح ولا يملك الرجوع لأنه صار وكيلا عنه فيه* قال المديون لرب الدين دفعت دينك إلى فلان فقال إن كنت دفعته إليه فقد أبرأتك صح لأنه تعليق بأمر كائن* قالوا لها أبرئي زوجك عن مهرك فقالت إن كان ألفا فقد أبرأته عنه فبان أنه خمسمائة لا يبرأ وكذا لو قالت أبرأت عن الألف ولو قالت أبرأتك إن كان ألفا يبرأ لأنه يراد به التحقيق عرفا* توجه عليه اليمين فقال المدعي برئت من الحلف أو تركت عليه الحلف أو وهبت لا يصح وله التحليف بخلاف البراءة عن المال لأن التحليف للحاكم.
نوع في الصلح
ادعى على آخر بالإرث من أبيه فصولح على مال ثم ادعى اشتراه من أبيه أو ادعى الدين وصولح ثم ادعى المديون المصالح الإيفاء قيل يقبل وقيل لا* استعار منه دابة وهلكت فأنكر المالك الإعارة وصولح على شيء ثم برهن المستعير على الإعارة وهلا كها يقبل ويبطل الصلح* وفي المنتفى ادعى ثوبا وصالح ثم برهن المدعي أنه لا حق له فيه إن على إقراره قبل الصلح فالصلح ماض وإن بعد الصلح يبطل الصلح وإن علم الحاكم إقرار بعدم حقه ولو قبل الصلح يبطل الصلح وعلمه بالإقرار السابق كإقراره بعد الصلح هذا إذا اتحد الإقرار بالملك بان قال لا حق لي بجهة الميراث ثم قال إنه ميراث لي عن أبي فأما إذا ادعى ملكا بجهة الإرث بعد الإقرار بعدم الحق بطريق الإرث بأن قال حقي بالشراء أو بالهبة لا يبطل الصلح وتكذيب المشهود له قبل الحكم يمنع الحكم وبعده يبطله وعن الإمام النسفي أن تفسيقه إياهم بعد الحكم لا يبطله شيء* ادعى دينا على وارث فبرهن ثم إن غيره من الورثة صالح معه ثم إن غير المصالح من الورثة ادعى إيفاء مورثه ذلك الدين وبرهن عليه يسمع ولا يعطي له بدل الصلح وإن برهن المصالح لا يسمع ويلزمه تسليم بدل الصلح
صفحہ 152