242

قال: «ومن يعلم متى يكون ذلك».

قال: «الله يعلم».

قال: «أتعلم أين هم الآن؟»

قال: «أظنهم في البلقاء».

قال سلمان: «لا أظنهم هناك فقد أنبأنا جواسيس العرب أن جبلة سار برجاله إلى اليرموك لنصرة جند الروم في حرب المسلمين ولا يلبث جند خالد بعد قليل أن يذهب إلى هناك لنصرة المسلمين فإذا كان جبلة في اليرموك لا أظنه يترك أهل منزله في البلقاء وهي عرضة لغزوات العرب».

فقال سلمان: «وما ظنك به إذا».

قال: «أظنه يرسلهم إلى دمشق ومع ذلك فإني أرى أن أسير مع خالد حتى آتي اليرموك وأبحث عن جبلة وأهله وأعود إليكم بالخبر أو لعلي أعود إليك برسالة من هند» قال ذلك وتبسم كأنه يريد أن يعبث بحماد فأجابه حماد بمثل ابتسامه وهو ينظر إلى ما يبدو من عبد الله فإذا به في شاغل عنهم ينظر من نافذة الغرفة إلى الشارع والاهتمام ظاهر على وجهه وسمعا قرقعة اللجم وضوضاء الناس فالتفتا إلى ما هو ناظر إليه فأول ما وقع نظرهما على راية سوداء تحتها جند من العرب في وسطهم بعض الفرسان وفي مقدمتهم فارس كبير الجثة عريض اللحية طويل القامة بعيد ما بين المنكبين واسع الهيكل كبير العمامة واسع العينين كثيف الحاجبين على وجهه أثر الجدري وقد ركب على جواد أشهب خفيف العضل يتنقل بمشيته كالعروس ويكاد الشرر يتطاير من حدقتيه ووراءه فرسان حولهم الأعلام وهم فرحون بما اوتوه من النصر فالتفت سلمان إلى عبد الله قائلا: «أعرفت من هو هذا الفارس يا سيدي».

قال عبد الله: «قد عرفته من يوم كان في وقعة مؤتة وكنت أنا أسيرا عندهم أليس هو خالد بن الوليد».

قال: «بلى هو هو بعينه انظر إلى هذه القامة وتلك الطلعة إن خالدا يا مولاي من معجزات خلق الله لم أر ولم أسمع بمثل شجاعته وشدة بطشه فلا غرو إذا سموه سيف الله لقد رأيت منه أعمالا تعجز عن فعلها الأبطال في حروبه بالعراق وسمعت من أخباره ما تشيب لهوله الأطفال فقد كان قبل إسلامه هو المقدم على خيل قريش في الجاهلية فأسلم في السنة الثامنة للهجرة مع عمرو بن العاص ولم يزل منذ أسلم يوليه الرسول أعنة الخيل في مقدمتها وقد علمت أن في عمامته خصلة من شعر النبي يتبرك بها. وقد شهد وقعة مؤتة بالبلقاء وعلى أثر ما أظهره من البسالة هناك سماه الرسول سيف الله ثم كان عونا عظيما للمسلمين في كل حروبهم حتى تولى أبو بكر فأنفذه إلى فتح العراق كما علمتم».

قال عبد الله: «وما هذه الراية السوداء».

نامعلوم صفحہ