أوْ مِمَّا يَشْمَلُ ذَلِكَ ونحوه مِن قَولهِم: إن آباءَنا الأنبياءَ يَشْفعونَ لَنَا، وأنَّ الله تَعالى وَعَدَ يَعقوبَ أنْ لا يُعَذِّبَ أبناءَه إلا تَحِلَّةَ القَسَمِ. فَرد عليهم سبحانه بقوله: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ﴾ [آل عمران: ٢٥] إلخ. رُويَ أنَّ أوَّلَ رايةٍ تُرفَعُ لأهلِ المَوقِفِ مِن راياتِ الكُفَّارِ رايةُ اليهودِ، فيفضحُهُمُ الله تَعالى على رُؤوسِ الأشهادِ، ثُمَّ يأمُرُ بِهِم إلى النَّارِ. وهكذا رأينا كثيرا من أهل زماننا يفعلون ما يفعلون من المنكرات، اعتمادا على الشَّفاعةِ، أو على عُلُوِّ الحَسَبِ وَشَرَفِ النَّسَبِ، واللهُ المُستَعانُ. وَفِي سورةِ [البقرةِ: ٨٠-٨١]: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ - بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨٠ - ٨١]
[اتخاذ قبور الصالحين مساجد]
اتخاذ قبور الصالحين مساجد (الخامسة والسبعون): اتِّخاذُ قُبورِ أنبيائِهم وصالِحيهِم مساجِدَ. هذه المسألة من خصال الكتابيين أيام الجاهلية. وفي ذَلِكَ ورد الحديثُ الصَّحيحُ: «لَعَن الله اليهودَ والنّصَارى اتَّخَذُوا قُبورَ أنبيائِهم مَساجدَ»، ثُمَّ قَالَ: «فَلا تَتَّخِذوها مَساجِدَ» . وَفِي الصَّحيحينِ عن أبي هريرة أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «قاتَلَ الله اليهودَ والنّصَارى، اتَّخَذوا قُبورَ أنبيائِهم مَساجِدَ» . وَفِي لفظٍ لِمُسْلِمٍ: «لَعَنَ الله اليهودَ والنّصَارى، اتَّخَذُوا قُبورَ أنْبِيائِهِم مَساجِدَ» . وَفِي الصَّحيحينِ عن عائشةَ وابنِ عبَّاسٍ، قالا: «لَمَّا نزلَ بِرسُولِ الله ﷺ، طفق يطرح خميصة على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال - وهو كَذَلِكَ-: "لَعَنَ الله اليهودَ والنصَّارى، اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مَسَاجِدَ"، يُحَذِّرُ ما صَنَعَوا".» وَفِي الصَّحيحينِ- أيْضا- عن عائشةَ أنَّ أمَّ سَلَمَةَ وأمَّ حَبيبةَ ذَكَرَتا لِرَسُول الله ﷺ كَنيسةً رَأيْنَها بأرضِ الحَبَشَةِ يقال لها: "ماريَة"، وَذَكَرَتا مِن حُسْنِها وتَصاويرَ فيها، فقال رَسُول اللهِ ﷺ: «أولئكَ قومٌ إذا ماتَ فيهم العبدُ الصَّالحُ أو الرَّجلُ الصالحُ بنَوا على قبرِهِ مسجدًا، وَصَوَّروا فيه تلك الصُّورَ، أولئكَ شرارُ الخَلْقِ عند الله» وعن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «لَعَنَ
2 / 282