بأعْوَرَ، مَكتوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافرٌ، يَقْرَؤه كلُّ مُؤمِنٍ قارئ وغير قارئ، واللهُ تَعالى لا يَراهُ أَحَدٌ حَتّىَ يموتَ، وقد ذكر النبي ﷺ هذه العلامات الثلاث في الأحاديث الصحيحة. فَأمَّا تَأيِيْدُ الكَذَّاب، ونَصْرُهُ، وإظهارُ دعوتِه دائمًا، فهذا لم يَقَعْ قَطُّ، فَمَن يَستدلُّ على ما يَفْعَلُهُ الرَّبُّ سُبحانَه بالعادةِ والسُّنَّةِ، فهذا هو الواقع على ذلك- أيْضا- بِالحِكمةِ، فحِكمتُه تُناقِضُ أنْ يفعلَ ذلكَ، إذ الحَكيمُ لا يَفعلُ هذا. وقد قَال تَعالى [الفتح: ٢٢-٢٣]: ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا - سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا﴾ [الفتح: ٢٢ - ٢٣] فَأخْبَرَ أنَّ سُنَّةَ الله التي لا تَبديلَ لَها: نصرُ المُؤمِنينَ على الكافِرينَ. والإِيمانُ المُسْتَلْزِمُ لِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ طاعةَ الله ورسولِهِ، فإذا نَقَصَ الإِيمانُ بِالمَعاصي كانَ الأمْرُ بِحَسبِهِ، كَما جَرَى يومَ أُحُدٍ. وقَالَ تَعَالى [فاطر: ٤٢-٤٣]: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا - اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾ [فاطر: ٤٢ - ٤٣] فَأخْبَرَ أن الكفارَ لا يَنْظُرونَ إلا سُنَّةَ الأوَّلين، ولا يوجَد لِسُنَّةِ الله تبديلٌ، لا تُبَدَّلُ بغيرها، ولا تَتَحَوَّلُ، فكيفَ النَّصْرُ لِلكُفَّارِ على المُؤمِنينَ الَّذين يَسْتَحِقُونَ هذا على الأمم؟ وكذلك قال في المنافِقِينَ وهم الكفَّارُ في الباطِن دونَ الظَّاهِرِ وَمَنْ فيه شُعبةُ نِفاقٍ [الأحزاب: ٦٠-٦٢]: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا - مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا - سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا﴾ [الأحزاب: ٦٠ - ٦٢] والسُّنَّةُ هي العادةُ، فهذه عادةُ الله المعلومةُ، فإذا نَصَرَ مَن ادَّعى النُّبوَّةَ وأتْباعَه على مَن خالَفَه، إمَّا ظاهِرا وإمَّا باطِنا نصرا مستقرّا، فإنَّ ذَلِكَ دليلٌ على أنَّه نبي ﷺ، إذ كانت سُنَّةُ الله وعادتُه نصرَ المؤمنين بالأنبياء الصَّادقين على الكافرين والمنافقين، كما أنَّ سُنَّتَه تأييدُهم بالآيات البينات، وهذه منها.
ومن ادَّعى النُّبُوَّةَ وَهو كاذب، فَهو
1 / 261