أنْ يَأْذَنَ الرَّحْمنُ لِمَنْ يَشاءُ ويَرْضى. وأرادَ بِذَلِكَ يومَ القيامَة. والمُرادُ مِن وصْفِهِ بِما ذُكِرَ: الإِشارةُ إلى أنه لا قدرةَ لأحَدٍ فيهِ على تَحصيلِ ما ينْتفَعُ بِهِ بِوجْهٍ مِنَ الوُجوهِ، لأنَّ مَن في ذِمَّتهِ حَقّ مَثَلا إمَّا أنْ يأخُذَ بالبيع ما يُؤَدِّيهِ بِهِ، وإمَّا أنْ يعينَهُ أصدقاؤُه، وإمَّا أنْ يلتجئ إلى مَنْ يَشفعُ لَهُ فِي حَطِّه، والكُلُّ مُنْتَف، ولا مُسْتعان إلا باللهِ ﷿.
[الخطأ في معنى الشفاعة]
الخطأ في معنى الشفاعة (الثامنة والأربعون): التَّكذيبُ بِقولِهِ تَعالى في سورةِ [الزخْرُفِ: ٨٦] ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٦] قَولُهُ: ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ [الزخرف: ٨٦] أي ولا يملكُ آلِهَتُهُمُ الذين يَدْعونَهم مِن دونهِ الشَّفاعَةَ، كَما زَعَموا أنَّهُم شُفعاؤُهُم عِندَ الله ﷿ ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ﴾ [الزخرف: ٨٦] الَّذي هو التَّوحيدُ.
﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٦] أيْ: يَعْلَمونَهُ. والمُرادُ بِهم: الملائِكَةُ وَعِيسى وعُزَيْرٌ وَأضْرابُهُمْ. وَأنْتَ تَرَى النَّاسَ اليومَ عاكِفينَ على أصنامٍ لهُمْ يَدْعونَهُمْ مِن دونِ الله، وعُذْرُهُم عِندَ تَوبيخِهِم أنَّ هؤلاءِ شُفَعاؤُهم. تَعَالى الله عَمَّا يُشْرِكون.
[قتل أولياء الله]
قتل أولياء الله (التاسعة والأربعون): قَتْل أولياءِ الله، وقَتْلُ الذينَ يَأمُرونَ بِالقِسْطِ مِنَ النَّاسِ، قالَ تعالى في سورةِ [البقَرَةِ: ٦١] ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [البقرة: ٦١] وقالَ في سورةِ [آل عِمرانَ: ١٨٣] ﴿قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ١٨٣] إلى آَياتٍ أخَرَ في هذا المَعْنى صَرَّحَتْ بِما لاقاهُ الأنْبِياءُ والرُّسُلُ ﵈ وأتْباعُهُم المُخْلِصونَ ودُعاةُ الحَقِّ (١) وبِما كابَدوهُ مِن أعداءِ الله والجَهَلَةِ الطُغاةِ مِمَّا تنهَدُّ لَهُ الصَّياصِي
_________
(١) من ذلك أن الشيخ المصنف لاقى من أبناء زمانه كبيرهم وصغيرهم لما دعاهم إلى الله تعالى والتوحيد الذي جاءت به الرسل ما تنهد له الصياصي وتشيب له النواصي كما لا يخفى على من طالع سيرته الطاهرة، تغمده الله برحمته ورضوانه.
1 / 256