ومن أن أتباع كل إمام هم إلى نصوصه أقرب وعن مخالفتها أبعد، بخلاف ما لم ينص عنه فإن كلا منهم ينفرد فيه برأيه ويتابع غير إمامه (¬1).
ولهذا أكثر أهل الأهواء في المنتسبين إلى أهل الكوفة؛ لقلة نصوصهم المفصلة في ذلك. لكن اعتاضوا عن ذلك بما وضعوه من الفروع المولدة، فإنهم ولدوا من تفريع الحوادث ما لم يفرعه غيرهم، ولهذا قال الشافعي: من أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة (¬2). في تفريع المسائل لا في معرفة الدلائل. وهذا الذي بين مالك والشافعي من يرجح هذا من وجه، ومن يرجح هذا من وجه في الأصلين كما بينهما في الفقه.
والشافعي اتبع النصوص المفصلة لا يخالف حديثا صحيحا عمدا قط، بخلاف مالك في هذا الباب. لكن مالك ضبط من فرائد الشريعة ومقاصدها ما لم يضبطه الشافعي من السياسات والمعاملات ورعاية المقاصد والنيات، وهذا أشبه بأصول الدين، كما أن الأحاديث المفصلة أشبه بأصول الفقه.
صفحہ 12