255

Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب

اصناف

(إياك والتنعم فإن عباد اللّه ليسوا بالمتنعمين) لأن التنعم بالمباح وإن كان جائزًا لكنه يوجب الأنس به ثم إن هذا محمول على المبالغة في التنعم والمداومة على قصده فلا ينافيه ما ورد في المستدرك وغيره أن المصطفى ﷺ أهديت له حلة اشتريت بثلاثة وثلاثين بعيرًا وناقة فلبسها مرة على أنه وإن داوم على ذلك فليس غيره مثله فإن المعصوم واقف على حدود المباح فلا يحمله ذلك على ما يخاف غائلته من نحو بطر وأشر ومداهنة وتجاوز إلى مكروه ونحو ذلك وأما غيره فعاجز عن ذلك فالتفريج على تنعمه بالمباح خطر عظيم لإبعاده عن الخوف قال العارف الجنيد: دخلت على العارف السري وهو يبكي فسألته فقال: جاءته البارحة الصبية فقالت: يا أبت هذا الكوز أعلقه لك يبرد فنمت فرأيت جارية من أحسن الخلق نزلت من السماء فقلت: لمن أنت قالت: لمن لا يشرب الماء المبرد فكسرت الكوز.
وبين النبي ﷺ أن المؤمن يأكل في مِعًى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء:
(حديث أبي هريرة ﵁ الثابت في الصحيحين) أن رجلًا كان يأكل أكلًا كثيرًا، فأسلم، فكان يأكل أكلًا قليلًا، فذُكر ذلك للنبي ﷺ فقال: (إن المؤمن يأكل في مِعًى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء).
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.
(المؤمن يأكل في معي) بكسر الميم مقصور مصران

1 / 254