عبادته عمَّن سواه أعطى كلًاّ منهم ما تمنَّاه. كما قال تعالى في الحديث القدسي: "مَنْ شغله ذكري عن مسألتي أعطيتُه أفضل ما أعطي السائلين" (١).
ورحم الله من قال: [من مجزوء الرجز]
واعملْ لوجهٍ واحدٍ ... يكفيكَ كُلَّ الأوجهِ
وفي الحديث القدسي أيضًا: "يا دنيا مَنْ خدمني فاخدميه، ومَنْ خَدَمَكِ فاستخدميه" (٢).
وقوله في الحديث: "أحبب" خطاب عام لكل مَن يصلح للمخاطبة، لكن قرينة كونه إرشاديَّا دلَّت على أنَّ المراد بالخطاب المؤمنُ فقط؛ لأنه لو كان الأمر فيه للندب لبقي على عمومه بناءً على أنَّ الكافر مُخاطب بالأحكام الشرعية، وأنه يعاقب على تركها زيادة على عقاب كفره.
وقوله: "حبيبك" من صيغ العموم؛ لأنه مفرد مضاف، لكنه هنا من العام الذي أريد به الخصوص، وذلك لأنه أُريد به كل من تستحيل محبته بغضا بقرينة السياق، فيخرج بذلك محبَّة الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام، وكذا محبَّة الحقِّ تعالى؛ لأنه لا يُخشى في تلك المحبة إذا جاوز الشخص فيها حدَّها ما ذُكِرَ من استحالتها بغضًا، بل الِإفراط فيها مطلوب مشكور، وفاعله ولو تجاوز الحدَّ معذور، ففي الحديث: "اذكر الله حتى يقولوا مجنون" (٣).
_________
(١) رواه البخاري في خلق أفعال العباد ص ١٠٥، ط. مؤسسة الرسالة ١٩٨٧.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) رواه الِإمام أحمد في المسند ٣/ ٦٨، ٧١، من حديث أبي سعيد الخدري، =
1 / 36