كان يحلم الخوري في يقظته المسافرة باحتفال شعانيني
11
يلاقيه به أنصار قرياقوس، أما أخرج قرياقوس من الحبس وخلصه من تهمة جناية؟ فلماذا لا ينتظر مهرجانا! غير أن ذلك المهرجان لم تظهر تباشيره.
قد تقول: وما قيمة خروج قرياقوس من الحبس؟ وهل قرياقوس نابليون العائد من جزيرة ألبا؟ ولكن العجب يزول حين تعرف نفسية القرويين في ذلك الزمان، أما اليوم فيدخل أحدهم السجن، وكأنه مدعو إلى حفلة تكريم ... صاروا يقولون: الحبس للرجال، وقتلة الرجل عندهم كشربة الماء. كان البطل يقتل واحدا بعد ألف جهد، أما اليوم فصار النذل الجبان يقتل الناس بالجملة، ولا يكلفه ذلك من العناء أكثر من هز يده ورمي قنبلة خفيفة لطيفة.
واجتاز الخوري بين دكاني الصليب
12
القائمين من عن يمين ومن عن شمال، وما رأى أحدا من الملاقين المحتفين بمقدمه، ولما هبط الوطا واندس بين الزيتون طلع عليه ثلاثة شباب ملثمون عرف منهم «الكريدي» فطار قلبه، إلا أنهم لم يمسوه بأذى خوفا من صراخه، ولا سيما أنهم سمعوا حس ناس في الحقول، فخافوا أن يجيئوا على الصوت ويشهدوا عليهم فيما بعد.
وتحسب الخوري لأمر يأتي، فأرخى لفرسه العنان، فتمسك بعرفها كأنه من خيالة العرب، أو شيخ من فرسان اللقلوق، كما أراد أن يوهمه أولئك الثلاثة، فطلعت الفرس في ميدان دل بعض الدلالة على أصلها الذي كان قد تبجح به الخوري، محاولا أن يدل على الأوسمة التي يتخيلها في جلدها.
لا تستغرب كلمة نياشين؛ فالخيل الأصيلة تعلق لها الأوسمة وهي في البطن، وليست تتوسل للحصول عليها بإرضاء الوزراء والرؤساء كما يتوسل الناس. وسامات البشر عارية تشك بدبوس، ونياشين الخيل المعقود بنواصيها الخير، تدل عليه هذه النياشين وهي ثابتة في جلدها لا تزول.
لم تقف الفرس إلا على معلفها قدام باب حارة الخوري الذي وصل مكشوف الرأس؛ لأن طربوشه علق بذيل زيتونة، ولم ينزل يلمه خوفا من أن يحيق به المتربصون.
نامعلوم صفحہ