فراشہ و دبابہ
الفراشة والدبابة وقصص أخرى: مختارات قصصية من الأعمال القصصية الكاملة لإرنست
اصناف
ولقد كان ثلجا أيضا ذلك الذي هطل طيلة أسبوع عيد الميلاد تلك السنة هناك في «جاروتال»، تلك السنة كانوا يقيمون في منزل قاطع الأشجار، وفيه الموقد الصيني المربع الكبير الذي احتل نصف الحجرة، وكانوا ينامون على حشايا من ورق أشجار الزان، في ذلك الوقت الذي جاء فيه الجندي الهارب وقدماه داميتان على الثلج. قال إن الشرطة تطارده، فأعطوه جوارب من الصوف وشغلوا رجال الدرك بالتحدث إليهم إلى أن انمحت آثار الأقدام بفعل الرياح.
وفي «شرونر»، يوم عيد الميلاد، كان الثلج باهرا لدرجة تؤذي العين، حين ينظر المرء من الحانة ويرى الناس تعود إلى بيوتها من الكنيسة. كان ذلك حيث صعدوا في الطريق الذي مهدته الزحافات ذات اللون الأصفر على طول النهر وتلال أشجار الصنوبر الشديدة الانحدار، وأدوات الانزلاق على الجليد فوق أكتافهم، وحيث جروا ذلك الجري الشديد عبر الطريق الجليدي عند منزل «مادلنر»، والثلج منبسط كالكعكة يحيط بها الصقيع، والندف تهبط خفيفة كالبودرة. واستعان في ذهنه الاندفاع الصامت الناتج عن السرعة إذ يهبط المرء كالطائر وهو ينزلق على الجليد.
كان الثلج قد احتجزهم طوال أسبوع في منزل «مادلنر» ذلك الوقت عندما هبت العاصفة، فأخذوا يلعبون الورق وسط الدخان على ضوء القنديل، وكانت الرهانات تزداد كلما زادت خسارة الهر «لنت». وأخيرا خسر كل شيء، كل شيء؛ نقود مدرسة الانزلاق على الجليد وكل مكسب الموسم، ثم خسر رأسماله نفسه. وكان باستطاعته أن يراه بأنفه الطويل يلتقط الورق ثم يفتح لعبة «عمياء». كان يوجد دائما ألعاب قمار وقتها. وحين لا يكون هناك ثلج، نقامر، وحين يكون هناك ثلج أكثر من اللازم نقامر. وفكر في الوقت الذي قضاه يقامر على طول حياته.
ولكنه لم يكتب سطرا عن ذلك، ولا عن يوم عيد الميلاد ذاك البارد الباهر، والجبال تتراءى عبر السهل حين طار جونسون عبر الخطوط ليقذف بالقنابل القطار الذي يقل الضباط النمساويين الحاصلين على إجازة، ويحصدهم بمدافعه حين انتثروا يجرون.
وتذكر إذ جاء جونسون بعد ذلك إلى حجرة الطعام وأخذ يحكي القصة وكيف ساد الصمت بعد ذلك، ثم أحدهم يصيح: أيها الوغد القاتل اللعين!
وكان هؤلاء النمساويون الذين قتلوهم آنذاك هم نفس النمساويين الذين شاركهم الانزلاق على الجليد بعد ذلك. كان «هانز» - الذي انزلق معه طوال تلك السنة - ضابطا في قوات القيصر، وحين ذهبا معا لصيد الأرانب البرية هناك عند التل الصغير وراء طاحونة نشر الخشب، تحدثا عن القتال في «باسوبيو»، وعن الهجوم على «برتيكا» و«أسالون»، وهو لم يكتب بعد حرفا عن ذلك. ولا عن «مونتي كورنو» ولا عن «سيتي كومون» ولا عن «أرسبيدو».
كم شتاء عاشه في نزلي «فوراك» و«آرل»؟ أربعة شتاءات. ثم تذكر الرجل الذي كان يعرض ثعلبا للبيع حين كان يسير مع زوجته في بستان «بلودنز»، يستهدفان شراء هدايا هذه المرة، وطعم الكريز من شراب «الكيرش» المعتق، والاندفاع المنفلت لمسرى بودرة الثلج على قشرة الأرض، وهي تغني «هاي هو!» إذ المرء يجري آخر مسافة نحو الثلج المصمت، ثم يجري قاطعا البستان في ثلاث دورات، ويخرج عبر الحفرة وعلى الطريق الجليدي وراء النزل. ثم يحل المرء أربطته ويخلع عنه زحافتي الانزلاق ويسندها إلى حائط النزل الخشبي، بينما يتبدى ضوء المصباح من النافذة. وفي الداخل، في وسط الدفء الداخن الذي يعبق برائحة النبيذ الطازج، كان ثمة من يعزف على الأوكورديون.
وسأل المرأة التي كانت تجلس إلى جواره في مقعد من الخيش، الآن، في أفريقيا: أين نزلنا في باريس؟ - في فندق «كريون». أنت تعرف ذلك. - ولماذا تظنين أنني أعرف ذلك؟! - إننا ننزل دائما هناك. - كلا. ليس دائما. - هناك وفي «بافيلون هنري الرابع» في سان جرمان. لقد قلت إنك تحب ذلك الفندق.
فقال «هاري»: الحب كومة قاذورات. وأنا هو الديك الذي يقف فوقها كيما يصيح.
قالت: هل من الضروري إذا تعين عليك أن ترحل أن تقتل كل شيء تخلفه وراءك؟ أعني، أيتعين عليك أن تأخذ معك كل شيء؟ عليك أن تقتل جوادك وزوجتك وتحرق سرجك ودرعك؟
نامعلوم صفحہ