5
من وفرة إنتاج الفن الأصيل وسعة انتشاره، وقشة أخرى يتشبث بها المتفائلون هي القدرة الفائقة على النمو، التي يتحلى بها الإلهام الجديد. إن القاعدة هي أن تمييز حركة فنية جديدة بوصفها حركة هو حتفها، فما كاد الأحبار يكتشفون «الانطباعية» بعد حوالي عشرين عاما من تجليها الواضح حتى قننوها أكاديميا. لقد نصبوا وجوههم حائلا ضد أي نوع من النمو، واضطروا كل دارس فيه ذرة من الحيوية إما إلى التمرد وإما إلى الانتحار الفني، ولكن قبل أن تجد الروح التي بثها سيزان وقتا تخمد فيه وتبوخ كانت قد تلقفها رجال من أمثال ماتيس وبيكاسو، فصبغوها بصبغتهم وقولبوها في أشكال تناسب مزاجهم المختلف، وهي اليوم تبدو بالفعل وقد أخذت شكلا متجددا لكي تعبر عن الحساسية الخاصة بجيل جديد.
6
إن هذا مرض جدا، ولكنه لا يكفي لإثبات أن الحركة الجديدة هي بداية منحدر جديد، إنه لا يثبت أننا نقف الآن حيث كان يقف البيزنطيون الأوائل، وحطام حضارة يقعقع حول مسامعنا، وعيوننا شاخصة إلى أفق جديد، ليس هناك من حجج صلبة تؤيد هذا الرأي، إلا أن هناك اعتبارات عامة جديرة بأن نطرحها ونتأملها، على ألا نبالغ في تقدير دلالتها والتحمس لها، فمن يرد أن يقرأ طالع البشرية أو يبصر بأي نشاط إنساني، فإن عليه ألا يغفل التاريخ وألا يبالغ أيضا في الوثوق به؛ ومن المؤكد أن إغفال التاريخ هو آخر خطأ يحتمل أن يقع فيه منظر حديث، لقد كانت المضاهاة بين إنجلترا في العصر الفيكتوري وروما في عصر الإمبراطورية هو ألهية أنصاف المتعلمين إبان الخمسين سنة الأخيرة،
Tu regere imperio populous, Romane, momento (تذكر أيها الروماني أن تحكم الشعوب في الإمبراطورية) تغدو هذه الآن تذكرة للمدرس العام بقدر ما كانت بالنسبة للأستاذ اللاتيني القديم، وعلى المولعين بالتاريخ أن يمضوا بمقارنتهم أبعد من ذلك قليلا (وللعلم فقد قام البعض بذلك بحثا عن حجج ضد الاشتراكية)، هنالك لن تفوتهم ملاحظة ما يتفشى في كلتا الإمبراطوريتين من مادية وحذق آلي وإعلاء من قيمة الرفاهية وحط من قيمة الصدق والإخلاص، وتحالف غير مقدس بين السخرية (الكلبية)
cynicism
7
والابتذال العاطفي
sentimentality ، وتدني الفن والدين إلى مرفقين للوضاعة والدجل، وهي سمات تومئ في كلتا الإمبراطوريتين إلى النهاية المتعفنة لما كان يوما ما فورة حيوية.
ربما يكون في تشبيه الخرافات والمراسيم الحكومية في روما بما لدينا من تكريس وخدمة رسميين، وتشبيه التماثيل النصفية الرومانية الدقيقة في المتحف البريطاني بتلك المحاكاة الواقعية الناطقة التي تتمتع بها الصور المعروضة بالجاليري القومي للبورتريه، وتشبيه النزعة الجمهورية
نامعلوم صفحہ