مشتركة بين جميع الأعمال الفنية، وتفترض أن هذه الماهية هي الشكل الدال، وهذا الافتراض قد ساعد بل على تمييز الأعمال الفنية كصنف
class
بذاته وعلى عزل هذا الصنف عن الأعمال والأشياء الأخرى، وبهذه الطريقة أسس بل استقلالية الفن عامة والعمل الفني خاصة، ولكن السؤال الذي يجب طرحه هو: هل يمكن رسم خط دقيق يعزل أو يفصل الأعمال الفنية كصنف من الأعمال مستقلة عن ميدان الحياة الإنسانية الاجتماعية الواقعية؟ تاريخيا كان الفن مرتبطا بحياة الإنسان الدينية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية والتربوية والثقافية عامة، لقد كان العمل الفني وما زال قوة تأنيسية
humanizing
تخاطب مختلف حاجيات الإنسان كإنسان؛ ولذا فإن النظرية التي تعتبر الشكل مبدأ التفسير الفني تقترف مغالطة الردية
reductionism ؛ لأنها ترد فنية العمل الفني إلى الشكل فقط وتعمل أبعاده ووظائفه الأخرى التي هي ضرورية جدا لتفهم هذه الصفة الفنية. إن ما أريد أن أؤكده هنا هو أننا لا نستطيع شرح أو تفسير البعد الفني إن لم نأخذ بعين الاعتبار مختلف الوظائف التي يقوم بها هذا العمل في حياة الإنسان.
ومن ناحية أخرى، عندما نقول إن الشكل الدال هو الذي يحدد الطبيعة الفنية فإننا بذلك نحبط أي إمكانية لتقييم جودة العمل الفني؛ ذلك أن كل عمل يمتلك شكلا دالا هو، بحسب نظرية بل، عمل فني، ولا تقر هذه النظرية بوجود أي جانب آخر في العمل الفني يمكن الارتكاز عليه في تقييم جودة العمل. إن هذا النقص في نظرية بل، والصورية بعامة، أدى إلى حد كبير إلى تطوير التعبيرية
Expressionism
في الربع الثاني من القرن العشرين.
ولا يسعني أن أختتم هذه المقدمة بدون أن أعبر عن مزيد شكري وإعجابي للجهد العلمي الذي بذله د. عادل مصطفى في ترجمة هذا الكتاب. يعد هذا الكتاب من أهم الأعمال الفلسفية التي كتبت في فلسفة الفن، ولا يمكن لأي مفكر، الآن أو في المستقبل، التنظير في طبيعة الفن بدون استيعاب سليم لنظرية بل، وحتى النظرية التعبيرية التي تلتها انطلقت من الحدس الأساسي لصورية بل وأخذته بعين الاعتبار. لقد نجح د. عادل، حسب اعتقادي، في ترجمة هذا الكتاب بصورة دقيقة وبلغة سلسة، ونقل المعنى بصدق وإخلاص للنص الأصلي.
نامعلوم صفحہ