سيكون ذلك مؤسفا جدا للأغلبية، ولكنه للفن لن يعني الكثير؛ فالفن لأولئك القادرين على الإحساس بدلالة الشكل لا يمكن أن يكون أقل شأنا من ديانة، فلا شك عندي أن هؤلاء يجدون في الفن ما وجدته الطبائع الدينية الأخرى وما تزال تجده في الصلاة والعبادة الجياشة، يجدون ذلك اليقين الوجداني، وتلك الثقة بالخير المطلق التي تجعل الحياة كلا هاما ومنسجما. •••
وحيث إن الانفعالات الإستطيقية هي شيء خارج الحياة وفوقها، فإن بوسع المرء أن يلوذ بها من الحياة. إن من قدر له يوما أن يعرف الوجد وأن يتبدد في أوه ألتيتودو
O Altitudo
11
واحدة، لن يكون له أن يؤخذ بإثارات العمل الفارغة ويغالي في تقديرها. ومن وهب القدرة على أن يأوي إلى عالم الوجد سيعرف كيف يتعامل مع الوقائع بحجمها. جدير ذلك الذي يختلف كل يوم إلى عالم الانفعال الإستطيقي أن يعود إلى عالم الشئون البشرية مسلحا لمواجهتها بشجاعة، وربما بشيء من الازدراء. وهو إذا كان يجد أغلب الولع البشري تافها بالقياس إلى النشوة الإستطيقية، فليس في ذلك ما يدعوه إلى الجفاء والبرود، بل إن بإمكان ديانة الفن من الناحية العملية أن تسعف إنسانا أكثر مما يسعفه الدين البشري؛ فقد يتعلم في عالم آخر (عالم الفن) أن يشك في الأهمية القصوى لهذا العالم. ولكن إذا كان هذا الشك يوهن من حماسته لبعض الأشياء الممتازة حقا فسوف يبدد أوهامه حول العديد من الأشياء غير الممتازة. إن ما ينتقص من رصيد حبه للبشر قد يضاف إلى رصيده من الشهامة، ولما كانت ديانته لا تستهل بوصية «أحب جميع الناس» فهي لن تنتهي، ربما، بحضه على أن يبغض أكثرهم.
نامعلوم صفحہ