فن معاصر: مقدمہ قصیرہ جدا
الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
بيد أن جزءا كبيرا من هذا الفن - على جاذبيته المريبة في الغرب - يعبر بالفعل عن أشياء رائعة، وينجح على مستوى الحدة والارتباط بدرجة نادرا ما نجدها في المجتمعات المستقرة والرغدة. أكد فريدريك جيمسون على نحو مقنع عندما كتب عن النظرية، على أن أكثر الأعمال النظامية تنتج في ظروف يواجه فيها المفكرون أقصى التناقضات في المشهد؛ نظرا لتطور متحد وغير متجانس، وكأنهم عاشوا في بيئة يتسنى فيها الانتقال من حقبة تاريخية إلى أخرى. ربما يرفع المزارعون في حقول الأرز ناظرهم نحو السماء ليلمحوا جارهم الجديد، بناية شاهقة الارتفاع ما بعد حداثية الطراز. هذا الأمر - على حد زعم جيمسون - يعزز التفكير النظامي والإجمالي عن التغير التاريخي. في الفن، لا توجد توقعات حيال مثل هذه الصفات النظامية، لكن هذه الظروف لها تأثير بالفعل، لا سيما في التفكير فيما وراء الانتشار الواسع للثقافة الاستهلاكية. بالمثل، ربما يمكن للمرء أن يتوقع إنتاج الأعمال الفنية الأكثر ضحالة وتفككا وانهزامية في الاقتصاديات النيوليبرالية الأثرى والأقدم، وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبالطبع - كما سنرى في الفصل القادم - هو كذلك بالفعل.
ما فحصناه بإيجاز هنا ليس النسق الكامل للإنتاج الفني العالمي الذي يتسم بالتنوع الشديد وينتج لظروف محلية كثيرة معقدة ومختلفة، لكن بالأحرى ما يمر عبر أداة ترشيح نظام الفن العالمي ليحظى بالشهرة الدولية. ورغم أن هذا النمط من الفن يمكن إنتاجه في الأغلب وفي مخيلتنا النخبة الفنية العالمية، فإن عالم الفن يفصح عما فيه؛ فرغم هيمنة الولايات المتحدة وسطوة المحترفين، فإن منتجاتها الفنية لها صدى أوسع بين جمهور متنوع، الكثير منهم لا يزال يتبنى المعتقد اليوتوبي بأن الفن يحمل رسالة أوسع نطاقا. من وجهة نظرهم، ربما يقدم تجارب متنوعة، بل وأحيانا راديكالية.
ما تحدثت عنه بإيجاز هو فكرة أن تنوع الفن المعولم الذي كثيرا ما يشاد به ربما يخفي فنا آخر، وتجانسات أجدد. ومثلما خرجت الرأسمالية كنظام عالمي من تحت عباءة خصمها المنهزم بعد عام 1989، تبين، في تحولها السريع، أنها النظام الجشع العنيد الذي هي عليه، ومن ثم ربما تكون الحال كذلك مع عالم الفن. إن الغاية من استخدامه كأداة في مواصلة الحرب الباردة بينت ما كان قيد التطور بالفعل: وظيفته الجوهرية كداع للقيم النيوليبرالية.
هوامش
الفصل الثالث
الثقافة الاستهلاكية
شكل 3-1: تاكاشي موراكامي، «هيروبون».
1
إذا كان التعبير الاقتصادي للنيوليبرالية هو عدم المساواة الأشد قسوة، والتعبير السياسي لها هو رفع القيود التنظيمية والخصخصة، فإن التعبير الثقافي لها هو النزعة الاستهلاكية الجامحة بلا شك. وفي حين أن «النظام العالمي الجديد» دفع الفن إلى إعادة صياغة نفسه عبر عولمة عملياته، فقد خضع الفن في العالم المتقدم لضغط متزايد من شريكه وخصمه القديم: الثقافة الجماهيرية. منذ السنوات الأولى للقرن العشرين على أقل تقدير، مع اختراع السينما، والفونوغراف، والراديو، اجتمع الاثنان في رقصة غير متكافئة، وكانت الثقافة الجماهيرية هي القائد أحيانا كثيرة.
ينزع الفنانون المعاصرون إلى تناول قضية الثقافة الاستهلاكية بافتتان وقلق، وثمة سبب وجيه لكل ردة فعل منهما؛ فالافتتان سببه أن النزعة الاستهلاكية يبدو أنها تتحول إلى سمة ثقافية على نحو متزايد، فاهتمامها بالبيع أو بمجرد عرض الصور والأصوات والكلمات يضاهي اهتمامها بالأشياء المادية. أما القلق، فمرده إلى أن محركات هذا الإنتاج طائلة للغاية وتمول ببذخ، والناتج صاخب للغاية وواسع الانتشار. وإذا كانت السلع تصير ثقافية، فما المساحة المتبقية للفن إذن؟
نامعلوم صفحہ