فن معاصر: مقدمہ قصیرہ جدا
الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
إن تصادم تلك المجتمعات التي تتمتع بقدر وافر من الحماية مع القوى الاقتصادية القاسية أثمر عن فيض لامع ومتنوع من الجزيئات الثقافية التي لم تر من قبل، ونتيجة لذلك، وصل الفن الإسكندنافي المعاصر إلى محور الاهتمام العالمي، جنبا إلى جنب مع الموسيقى والسينما الإسكندنافية. انعكست تبعات الوضع الجديد بوضوح في معرض «حرية التنظيم: الفن الإسكندنافي في التسعينيات» عام 2000، كما ذكر ديفيد إليوت - مشرف المعرض - في الدليل الخاص بالمعرض، أن هؤلاء الفنانين «يبدو أنهم غاضبون للغاية» حيال شيء ما، ولديهم مشكلات مع المعمار العقلاني، والأحلام اليوتوبية، والمثالية، والهندسة الاجتماعية (من بين أشياء أخرى). استخدم جاكوب كولدينج الأشكال النيوية في تجميعات الصور الخاصة به، واضعا رؤى قديمة وراديكالية عن فقدان الاتجاه الشديد (كما يمكن أن نراها في أعمال الطليعيين الثوريين الروس) أمام التخطيط المجتمعي والمعمار المنظم على نحو رفيع اللذين كانا نتاجها الإسكندنافي. ترعرع كولدينج في أحد أحياء كوبنهاجن النموذجية والذي كانت الشوارع فيه آمنة للمشاة، والمحال التجارية والمدارس ورياض الأطفال والعيادات الطبية في المتناول. وهذا، كما لنا أن نفترض، هو مصير مروع، ومما لا شك فيه أنه كان كذلك حتى أغلقت تلك المرافق.
إن «الإنسان» الحداثي العالمي صاحب الاحتياجات الأساسية تمزق إلى شظايا من المصالح المتنافسة والهويات العدوانية. صورت ميريام باكستروم التصميمات الداخلية للمعرض بمتحف شركة إيكيا: سلسلة من المساحات الضيقة والعقيمة. إن شركة إيكيا لها مهمة حداثية تنادي بالمساواة بين البشر والديمقراطية، وهي التطوير العقلاني والاقتصادي والتدريجي للمساحة الداخلية. وترى باكستروم، شأنها شأن باقي الفنانين الإسكندنافيين المعاصرين، أثر الحداثة باعتباره شيئا يثير رهاب الاحتجاز. من السهل تخيل السكان المثاليين الغائبين لتلك المساحات الداخلية، شخصيات راضية متأنية وعقلانية تجلس في المنزل في تجانس. على النقيض من ذلك، يفضح الفنانون خبايا تلك الثقافة العقلانية باستمتاع، ويسلطون الضوء على المشكلات المحيطة بدخول المهاجرين من ثقافات أخرى، ويحتفون بمزاعم العناصر الكثيرة لسياسات الهوية. سافر بيارن ميلجارد - وهو فنان يتناول في أعماله المثلية الجنسية - في رحلة إلى تاهيتي، وما إن وصل إلى هناك حتى استمنى فوق قبر جوجان. إن شبح الحداثة يطارد الدول الإسكندنافية (لم يمر سوى وقت قليل على جنازتها) ويطلب طرد الأرواح الشريرة باستمرار، ولا يزال الكثير من الفنانين منشغلين بدق غطاء التابوت.
مع ذلك، إن الدرب الذي تسير فيه هذه الديمقراطيات الاشتراكية واضح للغاية، بالنظر إلى ظروف الحياة الديمقراطية بمناطق أخرى. يفحص مشروع مانس رانجي «المواطن العادي» الظروف الجديدة التي تحولت فيها السلطة من عامة مشكلة سياسيا إلى أولئك الأشخاص الذين يتلاعبون بالرأي العام والعملية السياسية باحتراف. يتناول المشروع مفهوم المواطن العادي كما شكلته حالة الرفاهية الاجتماعية بالسويد، وبعد أن عين مواطنة عادية حسب الإحصائيات واستجوبها عن آرائها السياسية مستخدما أدوات احترافية من ضمنها أفراد جماعات الضغط السياسي لتطوير اهتماماتها، وصلت آراؤها إلى عامة الناس في الخطب السياسية ووسائل الإعلام الجماهيرية. واستخدمت الاقتراعات لاختبار فاعلية هذه الاستراتيجيات، وقد حدثت أكثر التدخلات فاعلية عندما ذكرت آراء المواطنة على لسان إحدى الشخصيات بمسلسل تلفزيوني شهير. إن هذا العمل الممتع على نحو لاذع يضع التغير في الحياة العامة محل دراسة، متهكما على كل من التشبث القديم بالوسيلة الإنسانية، وفساد النظام الجديد، هذا إضافة إلى إيحائه بأن تشظي الكيان الاجتماعي تحت وطأة ضغوط الركود الاقتصادي والاختلاف الثقافي لعب دورا في فتح السياسة أمام تلاعب المجموعات المتنافسة، والتي تكون أقواها هي أثراها.
يطلعنا ديفيد ماكنيل في مقالة رائعة عن الفن والعولمة، على حادثة شهيرة بمعرض «الإنتربول» الذي أقيم في ستوكهولم عام 1996، والذي جمع شباب الفنانين من السويد وروسيا ممن كان مفترضا بهم أن يتعاونوا معا. ومع تطور المعرض، أضيف فنانون من دول مختلفة، وصنع الفنان الصيني جو ويندا، دون الإشارة إلى أي فنان آخر، بجهد جهيد نفقا من الشعر الآدمي المجدول. وعند افتتاح المعرض، مزق ألكسندر برينر - وهو فنان أدائي روسي - النفق تمزيقا بمنجل. استدعيت الشرطة وألقي القبض على كوليك وهو متقمص دور الكلب وحاول عض طفل، لكن برينر لاذ بالفرار، في حين أن جو ويندا اعتبر تدمير عمله إحباطا مستوحى من الحركة الدادية، وهو سلوك نمطي لروسيا المتردية والفوضوية، فما أثار ثائرة برينر ليس فقط ما اعتبره معاملة سيئة لبعثة أوروبا الشرقية على يد المشرفين الغربيين، لكن أيضا إضعاف الفكرة الأصلية للمعرض وتحويله إلى تجمع عالمي نمطي لإبداء مشاعر المحبة والصداقة. ما يلي تصريحه الخاص حول فعلته:
في اليوم التالي عقد مؤتمر صحفي لقبت فيه بالفاشي، كلا يا أعزائي، لا أوافقكم الرأي. في هذا المعرض كنت الشخص الديمقراطي الوحيد الذي أعلن صراحة موقفه وأظهر خلافه مع المنظمين. إنها الديمقراطية الراديكالية على أرض الواقع! المحاكاة والابتذال النيوليبرالي تحديدا!
كوبا والصين
إن الفن القادم من الأمم الشيوعية في عصر النظام العالمي الجديد له جاذبية مختلفة عن ذلك الخاص بالدول التي مرت بالتحول من الشيوعية مثل روسيا. نجحت كل من كوبا والصين حتى الآن في البقاء في ظل النظام العالمي الجديد بطرق مختلفة للغاية دائما. خرج من كلا البلدين أنماط معقدة ومختلفة من الفن، ولا يسعني هنا سوى التحدث بإيجاز عن بعض الأمثلة القليلة التي حققت نجاحا على المستوى العالمي.
بدأت أعمال متنوعة ابتعدت عن مبادئ الواقعية الاشتراكية في الظهور في الصين في أعقاب نهاية الثورة الثقافية؛ ارتبط بعضها بالموضوعات الدينية، فيما أثارت أخرى النزعة الإنسانية الماركسية، والبعض الآخر (منذ أواخر الثمانينيات فصاعدا) تناول الثقافة الاستهلاكية الجديدة سريعة النمو. تحول الاهتمام العالمي نحو الفن الصيني على المدى القصير نتيجة لمذبحة المنشقين عن النظام في ميدان السلام السماوي في يونيو عام 1989، والتي أدت إلى التركيز على الفنانين الذين يمكن فهم أعمالهم على أنها معارضة. عزز الاهتمام العالمي طويل الأمد الظهور الفائق للأسواق المنظمة في الصين والتوليد السريع للثروات الهائلة وانعدام المساواة، هذا إلى جانب وجود تحسن متوسط ملحوظ في مستويات المعيشة لمعظم أفراد الشعب، ونشأة مجموعة واسعة من المستهلكين (على النقيض من روسيا).
حدد جاو مينجلو النزعات الفنية التي أعقبت هذه التغيرات المثيرة، وأشار إلى أنه بحلول عام 1988، مع تسارع وتيرة التطور الرأسمالي في الصين، اتجه الفنانون (من ضمنهم وانج جوانجي) ممن أبدوا اهتماما بالموضوعات الإنسانية والروحانية الجليلة إلى نسيانها لصالح نقد اجتماعي أكثر صراحة. دعا وانج إلى وضع حد للحماسة للحركة الإنسانية، موضحا أن الفن ما وجد إلا ليحقق النجاح في عالم الإعلام وفي السوق فقط. تجلى أحد العناصر المهمة في هذا التوجه الجديد في العودة إلى تمثيل ماو، لكن على نحو معدل ليتناسب والمناخ الثقافي والسياسي الجديد جيدا؛ فظهر تمثيل لماو من عدسة الفن الشعبي، في صورة رديئة ومزعجة في الوقت نفسه.
مما لا شك فيه أن وضع كوبا مختلف للغاية، بحكم أنها جزيرة صغيرة تقع بالقرب من الولايات المتحدة المعادية التي تستمر في فرض الحظر التجاري عليها، بل وتزيد من وطأته، وتهدد بما هو أسوأ. إن العلاقات مع أفراد الشعب الكوبي المنفي مضطربة وخطيرة أيضا؛ فقد تلقى خيراردو موسكيرا - وهو مشرف معارض ومؤرخ وناقد مشهور لفن أمريكا اللاتينية - دعوة للتحدث في مركز ميامي للفنون الجميلة عام 1996 لكن سحبت الدعوة؛ وذلك نظرا لحقيقة أنه يقيم في كوبا، وهذا يجعله غير مرغوب فيه لدى الجمهور المحتمل، كذلك تعرض المتحف الكوبي للفن والثقافة في ميامي للتفجير مرتين لعرضه لفنانين كوبيين مقيمين فيها. لكن من ناحية أخرى، تتوافق كوبا توافقا جيدا مع الوضع المعولم الجديد نتيجة لمزيجها الثقافي والعرقي، والتكوين المتناغم نسبيا من العناصر الأفريقية والأوروبية والأمريكية.
نامعلوم صفحہ