اسلامی فن مصر میں
الفن الإسلامي في مصر: من الفتح العربي إلى نهاية العصر الطولوني
اصناف
تصدير
مقدمة تاريخية
القسم الأول: العمارة وزخرفة المباني
تمهيد
1 - الفن الطولوني وسامرا
2 - العمارة الدينية
3 - العمارة الحربية والمدنية
4 - زخرفة المباني
القسم الثاني: الفنون الفرعية
تمهيد
نامعلوم صفحہ
1 - المنسوجات1
2 - الحفر على الخشب
3 - الخزف
4 - التصوير
خاتمة
المراجع
اللوحات
تصدير
مقدمة تاريخية
القسم الأول: العمارة وزخرفة المباني
نامعلوم صفحہ
تمهيد
1 - الفن الطولوني وسامرا
2 - العمارة الدينية
3 - العمارة الحربية والمدنية
4 - زخرفة المباني
القسم الثاني: الفنون الفرعية
تمهيد
1 - المنسوجات1
2 - الحفر على الخشب
3 - الخزف
نامعلوم صفحہ
4 - التصوير
خاتمة
المراجع
اللوحات
الفن الإسلامي في مصر
الفن الإسلامي في مصر
من الفتح العربي إلى نهاية العصر الطولوني
تأليف
زكي محمد حسن
تصدير
نامعلوم صفحہ
ليس موضوع كتابنا هذا دراسة الفن الإسلامي عامة؛ وإنما نريد أن نتتبع فيه تطور هذا الفن في مصر دون غيرها من الأقطار التي شملتها الإمبراطورية العربية.
على أن لتاريخ الفن الإسلامي في مصر حلقات وعصورا، ولكل من هذه صفات تميزها، ومن ثم آثرنا أن نقسم دراسة الفنون في مصر الإسلامية إلى ثلاث مراحل؛ الأولى: تبدأ بالفتح العربي وتنتهي بسقوط الدولة الطولونية، والثانية: تشمل عصر الفاطميين، وتحتوي الثالثة على عصر المماليك، وإن بقيت في تاريخ مصر قبل العصور الحديثة أسرتان مالكتان لم يرد لهما ذكر في هذا التقسيم، وهما أسرتا: الإخشيديين، والأيوبيين؛ فليس ذلك إلا لأن الفن في عهديهما لم تكن تخصصه مميزات كثيرة ظاهرة، بل كان في أكثر الأحايين يتبع الفن الذي سبقه، ويمهد للفن الذي تلاه.
وقد رأينا تسهيلا للدرس أن نخص كل مرحلة من هذه المراحل بجزء من كتابنا، ويسرنا أن نقدم الآن للقراء ولزائري دار الآثار العربية الجزء الأول، نتتبع فيه تطور الفن الإسلامي في مصر حتى نهاية العصر الطولوني. وقد كان في استطاعتنا أن نجعل العصر الطولوني عنوانا لهذا الجزء من الكتاب، فسيرى القراء أنه لم يبق من الأبنية الإسلامية ما يمكن إرجاعه بتمامه إلى ما قبل زمن الطولونيين، كما أن معلوماتنا عن تاريخ الفنون الفرعية قبل بني طولون ضئيلة غير وافية.
زكي محمد حسن
مقدمة تاريخية
فتح العرب مصر عام 641 ميلادية، ولكنهم لم يغيروا كثيرا في النظام الإداري الذي خلفه فيها العصر البيزنطي، فظل وادي النيل زهاء قرنين من الزمن يحكمه ولاة يعينهم أولياء الأمر في بلاد العرب. على أن عرب مصر في صدر الإسلام كان اتصالهم وثيقا بالحوادث في شبه جزيرتهم، وبما نشب بين المسلمين فيها من خلافات وحروب، بل قد سار منهم وفد لعب دورا كبيرا في الحوادث التي انتهت بقتل الخليفة عثمان.
ثم كان في وادي النيل بعد ذلك شيعة لعلي، وأنصار لمعاوية، وأرسل الأول من قبله إلى مصر ثلاثة ولاة آخرهم محمد بن أبي بكر، الذي ارتكب خطأ سياسيا كبيرا بتسييره أنصار معاوية إلى الشام، فلم يلبث ابن أبي سفيان بعد أن تقوى ساعده بالمدد الجديد أن بعث إلى وادي النيل بجيش على رأسه عمرو بن العاص. وانتصر جيش الشام؛ فاستقر الأمر في مصر لبني أمية، وعاد إلى حكمها عمرو سنة 658 من قبل معاوية الذي كافأه على إخلاصه ودهائه، بأن جعل البلد طعمة له بعد عطاء جندها ونفقة إدارتها.
ثم قتل علي، واستتب الحكم للأمويين؛ فولي مصر من قبلهم بعد وفاة عمرو واحد وعشرون واليا: ولي اثنان منهم الأمر مرتين، وواحد ثلاث مرات، وحكم واحد منهم البلد نحو تسعة أشهر نائبا عن ابن الزبير إلى أن سار إلى مصر مروان بن الحكم؛ فطرده منها.
ولما كانت الدولة الأموية عربية بحتة، فقد كان ولاة مصر في عهدها كلهم عربا، كغيرهم من كبار عمال الدولة وموظفيها.
وفي سنة 749 قويت الدعوة لبني هاشم، وانتهت بسقوط بني أمية سنة 750، واستقام عود الخلافة لبني العباس؛ ففر إلى مصر مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وتبعه جيش عباسي على رأسه صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، فقتل مروان، وتقلد زمام الحكم صالح بن علي من قبل أبي العباس السفاح، وتوالى على مصر حتى سنة 868 أربعة وستون حاكما: ولي أحدهم الأمر ثلاث مرات، وولي تسعة آخرون الحكم مرتين.
نامعلوم صفحہ
وولاة مصر في العصر العباسي لم يكونوا كلهم عربا، فقد طغت على مصر الصبغة الفارسية التي طغت على بقية أجزاء الدولة العربية؛ إذ قامت الدولة العباسية على أكتاف الموالي، فاستعملهم خلفاؤها وقدموهم على العرب.
ولكن نفوذ الجند من الأتراك في خدمة البلاط العباسي ما لبث أن ظهر وأخذ في الزيادة؛ حتى أصبح بيدهم مقاليد الأمر، وعزل الخلفاء وتوليتهم، واستولوا على أكبر وظائف الدولة، فأصبح منهم الولاة والعمال، وقدم إلى مصر أول وال تركي الأصل سنة 846.
على أن الإمبراطورية العربية كانت من السعة بحيث استطاعت عوامل الضعف أن تتطرق إليها؛ فاستقلت بلاد الأندلس، وتبعتها بلاد المغرب؛ حيث نشأت عدة دويلات مستقلة، ولم يبق من بلاد شمال أفريقيا تابعا للخلافة العربية إلا بلاد إفريقية، التي تعرف اليوم ببلاد تونس. وما لبث هارون الرشيد أن رأى عجزه عن حكم هذه البلاد؛ لكثرة ثوراتها والفتن فيها؛ فأقطعها دولة الأغالبة التي ظلت تحكم الإقليم معترفة بسلطان اسمي لخليفة بغداد، وتدفع له جزية كانت في أكثر الأوقات اسمية.
1
أما مصر فقد جاء دورها نحو سنة 827، حين بدأ الخلفاء سنة إقطاعها أولياء عهدهم، ثم قواد الجند من الترك، ولكن هؤلاء القواد الذين كانوا يمنحون مصر طعمة سائغة، لم يكونوا يرغبون في البعد عن حاضرة الدولة وبلاط الخليفة وما فيهما من دسائس ومكائد، ولم يكن الخليفة نفسه يتوق إلى ابتعادهم عنه، خشية أن يعملوا على الاستقلال وشق عصا الطاعة؛ ولذا ترى أن هؤلاء الولاة لم يحكموا مصر بأنفسهم، وإنما كانوا يبعثون إليها بعمال من قبلهم، وكان هؤلاء يرسلون إليهم ما يتبقى من الخراج والجزية بعد دفع نفقات الدولة والإدارة، وكان أصحاب الإقطاع يدفعون إلى بيت مال الخليفة مما يتلقونه من مصر مبالغ كانت تتفاوت قيمتها.
وفي سنة 868 تقلد حكم مصر القائد التركي باكباك، فاستخلف عليها أحمد بن طولون الذي أسس فيها أسرة لعبت في التاريخ الفني لوادي النيل دورا كبيرا.
وقد كان طولون (والد أحمد) مملوكا تركيا من بلاد منغوليا، أرسله حاكم بخارى إلى بلاط بغداد، فظل يرتقي حتى صار قائدا لحرس الخليفة.
وولد أحمد بن طولون ببغداد في سبتمبر سنة 835، ثم هجر الخليفة المعتصم مدينة المنصور، وانتقلت الحكومة إلى سامرا (العاصمة الجديدة)؛ حيث تلقى ابن طولون علومه العسكرية، وأخذ - فضلا عن ذلك - بقسط وافر من العلوم الدينية، ثم وفد ابن طولون إلى مصر من قبل باكباك الذي كان قد تزوج أرملة طولون بعد وفاة زوجها.
ولما توفي باكباك ولى الخليفة على مصر قائدا تركيا آخر، كان ابن طولون قد تزوج ابنته؛ فثبتت بذلك قدم ابن طولون وزاد نفوذه، وأصبحت الإسكندرية تابعة له بعد أن كان لها حاكم مستقل عنه.
ثم كانت وفاة هذا الوالي الجديد إيذانا بفساد الأمر بين ابن طولون وبلاط بغداد؛ فأرسل أولو الأمر في العراق جيشا لإخضاع ابن طولون، وكان فشل هذا الجيش وعجزه عن التقدم إلى مصر مشجعا لأحمد بن طولون على المغالاة في مطامعه؛ فشق عصا الطاعة، وسير لإخضاع سورية حملتين، ومد سلطانه على جزء من آسيا الصغرى، فأصبح خطرا يتهدد الخلافة، وأحس بذلك الموفق أخو الخليفة وصاحب الأمر في الدولة، وكان قد انتهى من إخضاع ثورة الزنج، ورأى أنه بالرغم من ذلك لا قوة له على مواجهة ابن طولون؛ فعمل على مصالحته، غير أن مرضا أصاب ابن طولون أرغمه على ترك سورية والرجوع سريعا إلى مصر حيث توفي سنة 884.
نامعلوم صفحہ
وظن بلاط الخليفة أن موت ابن طولون إيذان بانقراض دولته، ولكن سلسلة من الانتصارات أحرزها ابنه وخليفته خمارويه على جيوش العراق أرغمت الخليفة العباسي على مسالمته، وعقد معاهدة اعترف فيها بخمارويه، وبورثته - مدة ثلاثين سنة من بعده - ولاة على مصر وسورية وبعض أقاليم آسيا الصغرى وأرمينيا.
وتوفي الخليفة المعتمد بعد ذلك ببضع سنوات، وتزوج خلفه المعتضد بقطر الندى ابنة خمارويه، وزعم كثير من المؤرخين أن الخليفة قصد بذلك إفقار بني طولون؛ فقد كان خمارويه مسرفا جد الإسراف، تواقا إلى الأبهة والعظمة، فجهز ابنته بما لم تجهز به عروس من قبل، واستنزف ذلك وغيره خزائن الدولة؛ حتى تركها خاوية حين قتله خدمه سنة 896.
وتطرق الاضمحلال إلى دولة بني طولون بعد وفاة خمارويه، وولي البلاد بعده ابنه جيش، فتنكر لقواد أبيه ولكبار رجال الدولة، وانغمس في اللهو والشراب؛ فخلع وقتل. وخلفه أخوه هارون بن خمارويه، ولكن الداء كان قد تمكن في إدارة البلاد، وظهرت روح الثورة في الجند، وانقسموا فرقا يؤيد كل منها قائدا من قواد الجيش، وزاد الطين بلة أن ظهر القرامطة في الشام وهددوا مصر؛ فسار إليهم جيش منها عاد بالهزيمة.
وكان الخليفة المعتضد قد توفي وخلفه المكتفي؛ فأرسل هذا لإخضاع القرامطة جيشا على رأسه محمد بن سليمان، أوقع بهم هزيمة كبرى. ثم واصل السير إلى مصر، ولم يلق فيها مقاومة تذكر، وحاول المصريون إنقاذ الموقف بقتل هارون وتولية عمه شيبان بن أحمد بن طولون، ولكن ولاية هذا لم تزد عن بضعة أيام، واستطاع محمد بن سليمان وجنوده القضاء على الدولة الطولونية، وأصبحت مصر ثانية إقليما تابعا للخلافة العباسية، ترسل إليه الولاة من قبلها.
2
القسم الأول
العمارة وزخرفة المباني
تمهيد
أخذ الفن الإسلامي كثيرا من أصوله عن الفنون المسيحية الشرقية، كما تأثر كثيرا بفنون إيران وبغيرها من الفنون التي ازدهرت في البلاد التي فتحها العرب وكونوا منها إمبراطوريتهم العظيمة. ولا غرو؛ فقد كان العرب في شبه جزيرتهم بدوا لا حضارة لهم، ولم تكن بداوتهم هذه مرتعا خصبا لفن يترعرع بينهم، وينطبع بطابعهم؛ وإنما جاءت الفتوحات العربية، وامتدت الدولة الإسلامية واتسع نطاقها، واختلط العرب بأمم عريقة في المجد والمدنية؛ فأثروا في هذه الأمم وأثرت فيهم.
أما أثر العرب فواضح جلي؛ إذ إنهم فتحوا مصر، وفرضوا عليها ديانتهم ولغتهم، ونشروا الإسلام في بلاد إيران، وجعلوا العربية لغة العلم والأدب والدين، وانتهى الأمر بهم إلى التأثير في اللغة الفارسية تأثيرا كبيرا، نتبينه إذا علمنا أن هذه اللغة هندية أوروبية، كانت تشبه السنسكريتية القديمة، وكان الفرق بينها وبين اللغات السامية شاسعا، بيد أنها أصبحت بعد الفتح الإسلامي خليطا، فصارت تكتب بالحروف العربية، وأخذت عن اللغة العربية آلاف المفردات والتراكيب.
نامعلوم صفحہ
على أن هذه الأمم التي غلبت على أمرها أثرت بدورها في العرب، وكانت أكبر عون لهم على خلق فن إسلامي، طبعه العرب بطابع دينهم، وظهرت فيه شخصيتهم البارزة ، ولكن أساسه مدنيات فارس وبيزنطة وآشور وكلديا ومصر. ولذا كان خطأ كبيرا أن يطلق على هذا الفن اسم الفن العربي كما فعل المستشرقون ومؤرخو الفن حتى أوائل القرن الحاضر، وكإطلاق اسم «دار الآثار العربية» على متحفنا الإسلامي في مصر.
ولعل أكثر ما اقتبس العرب في الفنون من الأمم المجاورة كان في العمارة، ولكنا لا نريد أن نعرض هنا للأبنية الإسلامية الأولى في المدينة ومكة والبصرة والكوفة والشام؛ فإن ذلك يكون خروجا عن موضوعنا الآن.
1
وأول مسجد أسسه العرب في مصر هو جامع عمرو، أو الجامع العتيق، بناه عمرو بن العاص سنة 642؛ فهو إذن من أقدم المساجد في الإسلام، ولكنا لا نظن أن قيمته كبيرة في دراسة تاريخ العمارة الإسلامية في مصر، نظرا للزيادات العديدة التي غيرت معالمه الأولى، وجعلته مزيجا من طرز مختلفة، ومن ثم آثرنا ألا نعرض لدراسته هنا، مكتفين بأن نحيل من يهتم بدراسته من القراء إلى البحث الذي نشره عنه كوربت بك سنة 1891 في مجلة الجمعية الآسيوية الملكية، وإلى الأبحاث المختلفة التي كتبها عنه فان برشم
VAN BERCHEM ، وهوتكير
HAUTECOEUR ، وفييت
WIET ، وكريزول
CRESWELL ، وبريجز
BRIGGS ، والأستاذ محمود أحمد، ويوسف أفندي أحمد وغيرهم.
الفصل الأول
نامعلوم صفحہ
الفن الطولوني وسامرا
الفن الإسلامي فن ملكي بطبيعته، ونقصد بذلك أنه مدين بكل شيء للسلطان؛ فالمثالون، والمصورون، والمهندسون، وغيرهم من رجال الفن إنما كانوا يشتغلون إجابة لطلبه، وتحقيقا لرغبته، وإشباعا لشهواته. ونحن إذ استثنينا السلطان فلن نجد للفنون الجميلة رعاة إلا من بلاطه وحاشيته، أو في الأسر القليلة التي تسكن العاصمة وتعتمد في معيشتها على السلطان وبيت ماله، ولسنا نقصد أن هذا الأمر مقصور على الفن الإسلامي؛ ولكنا نقول إنه أصبح فيه ظاهرة كبيرة يصح معها أن تنسب المراحل المختلفة في التاريخ الإسلامي إلى الأسرات الحاكمة، فيقال: فن أموي، وفن عباسي، وفن طولوني، وفن فاطمي ... إلخ.
وإذن فليس غريبا أن تظل مصر قبل الطولونيين تابعة للخلافة الإسلامية في الفن، كما كانت تتبعها في السياسة، وليس غريبا أن تكون نشأة الفن الإسلامي في مصر وحياته فيها قبل العصر الطولوني يحيط بهما شيء من الغموض.
والفن الطولوني أول مرحلة واضحة جلية في تاريخ الفن الإسلامي بأرض الفراعنة، وسيرى القراء أنه لم يكن مستقلا كل الاستقلال عن فن الخلافة العباسية في ذلك العهد، ولكنه - على تبعيته له واشتقاقه منه - كان منافسا له، ولا غرو؛ فقد استطاع بنو طولون أن يتخذوا لأنفسهم بلاطا كبلاط الخليفة في سامرا وبغداد، إن لم يفقه أبهة وعظمة، وأصبح البذخ والترف في مصر يربو على ما في العراق وبلاد العرب؛ حيث كانت ثورة الزنج والفتن الداخلية قد استنزفت أموال الحكومة وجهودها.
والمصادر التاريخية والأدبية حافلة بذكر عظمة الطولونيين وتعضيدهم الفنون، يؤيد ذلك ما وصل إلينا من الأبنية والطرف الأثرية.
ومما يلاحظه علماء الآثار الإسلامية أن الفن الطولوني مستقل في التاريخ الفني لمصر، له صفاته ومميزاته، فإن كان الفن الفاطمي مشبعا بالتأثيرات الفارسية، والعوامل السورية والطولونية، مع اقتباسات قليلة عن فنون البربر في شمال أفريقيا؛ وإن كان فن المماليك قد احتفظ بذكريات فاطمية وسلجوقية ومغولية، مع بعض تأثيرات مغربية وأوروبية؛ فإن الفن الطولوني يكاد يكون قد أخذ كل أصوله عن الفن العراقي الذي ترعرع في سامرا عاصمة الخلافة العباسية.
وقد كان الفن الطولوني وعلاقته بسامرا موضع جدل ودرس طويلين، وكتب فيه كثيرون من علماء الآثار والمستشرقين، نذكر منهم: كوربت
CORBETT ، وفان برشم
VAN BERCHEM ، وسلمون
SALMON ، وهرتز باشا
نامعلوم صفحہ
HERZ PACHA ، وسلادان
SALADIN ، وزره
SARRE ، وهرتزفلد
HERZFELD ، وشتريجوفسكي
STRZYGOWSKI ، وفلوري
FLURY ، وكريزول
CRESWELL ، وعكوش، وهوتكير
HAUTECOEUR ، وفييت
WIET . •••
ويعزو الأستاذ فون لوكوك
نامعلوم صفحہ
VON LE COQ
التقدم الذي وصلت إليه الفنون في مصر في عهد ابن طولون وبيبرس إلى أن «هذين التركيين لم يكونا من الهمج المتوحشين، بل كانا من القبائل الهندية الأوروبية (الآرية) التي غلبت عليها الصبغة التركية، وورثا الفن السيتي الذي ازدهر في أواسط آسيا.»
1
وهذا زعم غير صحيح؛ فنحن نسلم بتأثير هذه القبائل التركية وفنونها على ما نسميه الطراز الأول من زخارف سامرا التي سندرسها قريبا، ولكننا نظن أنه من غير المحتمل أن يدعي مثل ابن طولون وبيبرس وغيرهم من الأتراك والمماليك أنهم ورثوا عن بلادهم الصحراوية القاحلة فنونا زاهرة حضرية، كفنون مصر في عهد الطولونيين والمماليك، وفضلا عن ذلك فقد عرف الفن الإسلامي في مصر في عهد الفاطميين (وهم ليسوا من الجنس الهندي الأوروبي الذي غلبت عليه الصبغة التركية على حد قول فون لوكوك) تقدما وازدهارا لا نظير لهما، بدليل ما وصل إلينا من الأبنية والتحف الأثرية، وما كتبه المقريزي عن كنوز الخليفة المستنصر بالله.
ومهما يكن من شيء فإن نظرة إلى مسجد أحمد بن طولون، وإلى المصادر التاريخية العربية تكفي لأن تقنعنا بأن الفن الطولوني مأخوذ عما كان من فن في بلاد الجزيرة، وخاصة في سامرا التي كانت عاصمة الإمبراطورية الإسلامية حين ظهر أحمد بن طولون على المسرح السياسي.
قضى أحمد بن طولون شبابه في سامرا التي كشفت فيها حفائر الأستاذين زره
SARRE ، وهرتزفلد
HERZFELD
عن أنواع مدهشة من الأبنية والزخارف الفنية والتحف الأثرية، وظلت ذكرى هذه العاصمة العباسية باقية في ذهن ابن طولون الذي كان يحرص كل الحرص على أن يرتقي ببلاطه وبعاصمته في مصر؛ حتى يكون منافسا لعاصمة الخلافة وما فيها.
وإذ إننا سنضطر في كثير من الأحوال إلى الالتجاء إلى هذه العاصمة؛ لنتفهم أصول الزخارف الطولونية؛ فإنه يجدر بنا أن نبدأ بدراسة مفصلة لتاريخها ولما ازدهر فيها من فنون.
نامعلوم صفحہ
سامرا
أسست على يد «أشناس»، أحد قواد الأتراك، بأمر الخليفة المعتصم سنة 836، وظلت حينا من الدهر عاصمة الإمبراطورية الإسلامية، فسكنها ثمانية خلفاء، هم: المعتصم؛ ثم ابناه: هارون الواثق، وجعفر المتوكل؛ ثم محمد المنتصر بن المتوكل، وبعده المستعين أحمد بن المعتصم، والمعتز أبو عبد الله بن المتوكل، والمهتدي محمد بن الواثق، والمعتمد أحمد بن المتوكل.
والسبب في بنائها: أن الخليفة المعتصم كان قد أكثر من شراء الجند الأتراك، وكان من الصعب التوفيق بينهم وبين سكان بغداد، فكان هؤلاء الأتراك العجم - كما يقول اليعقوبي
2 - إذا ركبوا الدواب ركضوا، فيصدمون الناس يمينا وشمالا، فيثب عليهم الغوغاء فيقتلون بعضا، ويضربون بعضا، وتذهب دماؤهم هدرا، فثقل ذلك على المعتصم، وعزم على الخروج من بغداد.
ولعل الأستاذ الفرنسي فيوليه
VIOLLET
كان قد أخطأ قليلا في فهم عبارة اليعقوبي؛ فكتب في مقالته عن سامرا بدائرة المعارف الإسلامية (جزء 4 صحيفة 136): أن الخليفة كان مهددا في بغداد بفتن جنوده المرتزقة من الترك والبربر؛ فعمل على أن يتخذ لنفسه عاصمة يكون فيها أكثر أمنا، وأقل عرضة لهذا التهديد.
ولعل اسم سامرا مشتق من اللغة الإيرانية القديمة، بمعنى: المكان الذي تدفع فيه الجزية، ومهما يكن من شيء فإن العرب يسمونها: «سر من رأى»، ويزعمون أن موضعها كان مدينة سام بن نوح.
وتقع مدينة سامرا على الضفة اليمنى لنهر دجلة، على بعد مائة كيلومتر شمالي بغداد، وترجع شهرتها إلى الأبنية العظيمة التي شيدها فيها المعتصم وخلفاؤه. وقد حفظ لنا اليعقوبي وغيره من مؤرخي العرب أسماء عدد من هذه القصور الشاهقة، كالجوسق: للخليفة المعتصم، والهاروني: للواثق؛ ثم عروس، وبلكوار، ومختار، ووحيد: للخليفة المتوكل الذي عزم قبل وفاته بنحو سنتين أن يبتني مدينة يتخذها عاصمة له وتنسب إليه؛ فشيد حاضرة جديدة شمالي سامرا، سميت: الجعفرية،
3
نامعلوم صفحہ
وأقام في قصوره بها تسعة أشهر إلى أن قتل، وخلفه المنتصر الذي انتقل إلى سامرا؛ فخربت الجعفرية وقصورها. على أن سامرا نفسها لم تعد إليها عظمتها الأولى، وبالرغم من أن الخليفة المعتمد شيد في جانبها الشرقي قصر المعشوق، فقد تركها، وأرجع البلاط والحكومة إلى بغداد سنة 883؛ فما لبثت أبنية سامرا أن سقطت الواحد بعد الآخر، اللهم إلا المسجد الجامع، وأما الآن فليست مدينة المعتصم إلا قرية صغيرة في منتصف الطريق بين بغداد وتكريت، وبجانبها آثار حفائر كانت تقوم بها البعثات الأوروبية قبيل نشوب الحرب العظمى.
وقد ظلت سامرا منذ ألف سنة مزار الشيعة ومحل تعظيمهم؛ فهم يزعمون أن بجوار مسجدها الجامع قبر إمامهم الحادي عشر أبو محمد حسن العسكري الذي توفي في سامرا سنة 874، والذي ينسب إلى أحد أحيائها المعروف باسم: عسكر سامرا؛ حيث كان الخليفة قد نقله ليأمن جانبه، وليكون تحت مراقبته. ويعتقد الشيعة أيضا أن في سامرا السرداب الذي اختفى فيه إمامهم أبو القاسم محمد المهدي سنة 878 وهم يزورون هذا السرداب معتقدين أن المهدي المذكور سيظهر منه في نهاية الأيام .
ولا يخفى ما للكشف عن أنقاض سامرا من أهمية في دراسة الفن الإسلامي؛ فإن المصادر التاريخية (ولا سيما ما كتبه اليعقوبي) ذكرت لنا كيف أحضر المعتصم أشهر الفنانين من أنحاء الإمبراطورية الإسلامية؛ ليجعل من عاصمته الجديدة أكبر منافس لبغداد، مدينة جده المنصور، وواحدة من أكثر المدن ازدهارا في التاريخ الإسلامي بأجمعه، وكيف أنه كتب في إرسال البنائين والفعلة وأهل المهن من الحدادين والنجارين وسائر الصناعات، وفي حمل خشب الساج وغيره من أنواع الخشب وجذوع الأشجار من البصرة وبغداد وأنطاكية وسواحل الشام. واليعقوبي يخبرنا صراحة أن المعتصم استقدم من كل بلد من يعمل عملا من الأعمال، أو يعالج مهنة من مهن العمارة، والزرع، والنخيل، والغروس، وهندسة الماء ووزنه واستنباطه، والعلم بمواضعه من الأرض، وحمل من مصر من يعمل القراطيس وغيرها، وحمل من البصرة من يعمل الزجاج والخزف والحصر، وحمل من الكوفة من يعمل الخرق ومن يعمل الأدهان، ومن سائر البلدان من أهل كل مهنة وصناعة.
4
وليس بغريب أن اهتمت الهيئات العلمية الأوروبية بالكشف عن آثار تلك العاصمة، وتوالت للبحث فيها البعثات الأثرية، فبدأ بذلك الفرنسيان: الجنرال بيلييه
DU BEYLIÉ ، والمسيو فيوليه
VIOLLET ، ثم المس بل
BELL
الإنجليزية. ولكن الفضل كل الفضل يرجع إلى البعثة الألمانية، وعلى رأسها الأستاذان: الدكتور زره
SARRE ، والدكتور هرتزفلد
نامعلوم صفحہ
HERZFELD
اللذان استطاعا دراسة الأنقاض الباقية، والوقوف على أهم الموضوعات الزخرفية والطرز المعمارية فيها، كما يتبين ذلك من تقاريرهما عن العمل، وفي المؤلفات التي كتبت بعنوان: «حفائر سامرا»
Die Ausgrabungen von Samarra .
ولما كان ما وصل إلينا من الأبنية الطولونية في حالة جيدة من الحفظ إنما هو المسجد الجامع الذي شيده أحمد بن طولون؛ فإنه يهمنا على الأخص من آثار سامرا: المسجد الجامع الذي شيده الخليفة المتوكل بين عامي 846 و852،
5
وهو مسجد ذو أروقة،
6
يشبه جامع ابن طولون من عدة وجوه، فعمارتهما غير متأثرة بالأبنية المسيحية السورية، كما تأثرت قبة الصخرة والمسجد الأموي بدمشق، بل هي تشبه كثيرا رسم الحرم النبوي في المدينة، سواء في ذلك كان هذا الحرم في عهد النبي مسجدا، أو كان بيتا خاصا له كما يرى المستشرق كيتاني
CAETANI ، والأستاذ كريزول
CRESWELL .
نامعلوم صفحہ
7
ومسجد سامرا مكون من مستطيل كبير ذي جدران مرتفعة من الآجر، تتخللها أبراج مستديرة،
8
وسوف نعرض للكلام عن أجزائه المختلفة حين ندرس المسجد الطولوني.
على أن عمارة الأبنية في سامرا تختلف كل الاختلاف عن عمارة الأبنية الأموية؛ فالحجر لا يكاد يظهر في سامرا، بل الآجر هو المستعمل في كل شيء حتى في الدعائم أو الأرجل
وفي الزخارف الخارجية.
وقد كشفت حفريات البعثة الألمانية أنقاض بعض القصور الملكية، وكثير من دور الخاصة، وكلها تسود فيها الأوضاع والتقاليد المعمارية الإيرانية، ولا غرو فقد كان سقوط الدولة الأموية وانتقال العاصمة إلى بغداد إيذانا بضعف التأثيرات البيزنطية والسورية في العمارة العربية، بل في الفن الإسلامي بأكمله، وغلبت بعد ذلك التأثيرات الفارسية والأساليب المعمارية العراقية والساسانية.
وكانت الزخارف تلعب دورا كبيرا في قاعات الأبنية وردهاتها بسامرا، ولا سيما في الأجزاء السفلية من الجدران؛ فقد كانت هذه مغطاة بطبقة من الجص عليها رسوم بارزة وأخرى محفورة بعناية كبيرة، ودقة متناهية، ولكن زخارفها هندسية أو نباتية؛ فالزخارف الخطية تكاد لا تظهر في سامرا، وكثيرا ما كانت السقوف والطبقة الجصية تغطيها صور ملونة.
9
ولهذه الزخارف الجصية التي وجدت في قصور سامرا وبيوتها أهمية كبرى في تاريخ الزخارف الإسلامية. أما موضوعاتها فتتراوح بين رسوم بسيطة خالية من الفروع النباتية العربية
نامعلوم صفحہ
Arabesques
إلى موضوعات نباتية تقليدية جدا أغنى زينة وأكثر عمقا في الجص، وقد تختلط الموضوعات الهندسية بالموضوعات النباتية، فنرى زهرة تقليدية تتوسط أشكالا هندسية متصلا بعضها ببعض بأشرطة أو بحبات تتقاطع أو تنثني، فتتخذ أشكالا هندسية أخرى، أو تكون فروعا نباتية عربية تحيط برسوم دقيقة لأغصان وعناقيد من العنب.
وقد درس الأستاذان: الدكتور زره
SARRE ، والدكتور هرتزفلد
HERZFELD
الزخارف المذكورة دراسة وافية، وقسماها إلى ثلاثة طرز بحسب خواصها، والمصدر الذي يظنان أنها ترجع إليه، على أن أكثر مؤرخي الفن الإسلامي يرون أن العالمين الألمانيين المذكورين قد بالغا بتقسيمهما هذا في الفروق بين الطرز المختلفة، واتبعا طريقة تنقصها المرونة.
10
ومهما يكن من شيء فإن أقدم هذه الزخارف الجصية طراز فيه رسوم لعناقيد عنب وأوراقها، وهي ليست بعيدة جدا عن العناقيد والأوراق الطبيعية، بالرغم من أن فيها شيئا من التنسيق والتهذيب
Stylisation . وتذكرنا هذه الزخارف بتلك التي نراها في قصر المشتى
MSHATTA
نامعلوم صفحہ
11
بشرق الأردن لما بينها من الشبه في الصناعة، ويعتبر هذا النوع من زخارف سامرا الطراز الثالث في تقسيم الدكتور هرتزفلد، ويظهر أن مصدره إيران وبلاد المسيحية الشرقية، على أننا نجد في قصر الطوبة الذي يرجع تاريخه إلى أواخر العصر الأموي زخارف بينها وبين زخارف هذا الطراز الثالث شبه كبير.
12
وأما في الطراز الثاني فإن الزخارف التي شرحناها في الطراز الثالث تبعد عن الحقيقة الطبيعية، ويزداد فيها التهذيب والتنسيق حتى تصبح في الطراز الأول - وهو أحدثها جميعا - زخارف قطوعها خطية، وليس بينها وبين الحقيقة الطبيعية صلة تذكر. وزخارف الطراز الأول مصبوبة في قالب، وليست محفورة في الجدران نفسها، كما هي الحال في زخارف الطرازين الثاني والثالث.
ومن المعلوم أن تغطية الجدران بطبقة من الجص محفور فيها رسوم مختلفة؛ صناعة زخرفية قديمة وجدت عند البارثيين والساسانيين؛ ففي القسم الإسلامي من متاحف برلين، وفي متحف المتروبوليتان بنيويورك نقوش بارزة من الجص بها موضوعات هندسية ومراوح نخيلية
يمكن اعتبارها أصل الزخارف الجصية في سامرا، أو خطوة أولى في سبيل تكوينها
13 (اللوحة رقم
1 ).
وصفوة القول أننا نرى في زخارف هذه العاصمة العباسية تطورا طبيعيا إلى الموضوعات الزخرفية والمعنوية البعيدة عن الطبيعة، والتي يسودها التهذيب والتنسيق اللذان يمتاز بهما الفن الإسلامي.
ولسنا ننكر أن هذا التطور قد أدى إلى صناعة وموضوعات زخرفية نجد مثلها في أواسط آسيا قبل تشييد سامرا، ونجد مثلها أيضا في الهند والصين قبل هذا التاريخ، ولكنا لا نرى في ذلك ثورة زخرفية، أو نشأة زخارف عباسية متأثرة بأساليب أواسط آسيا كما يعتقد الأستاذ الدكتور كونل
نامعلوم صفحہ
KÜHNEL
الذي يقول بأن آخر تطور لزخارف سامرا؛ إنما هو أكبر ظاهرة في حياتها كلها، فقد بلغ من الأهمية أن خلق ثورة زخرفية كاملة، وأسس طرازا زخرفيا عباسيا فيه تأثير تركي كبير؛ لأن الروح التي تسود هذا الطراز الجديد هي تلك التي ورثتها القبائل الطورانية عن فنون قبائل السيت
SCYTHES
وأساليبها.
14
فالواقع أننا لا نرى في زخارف سامرا هذا المقدار من أساليب الفن السيتي، ولسنا نميل إلى أن نبالغ في أهمية الجند الترك الذين أخذ الخلفاء العباسيون يستخدمونهم قبل تأسيس سامرا بنحو عشرين سنة؛ فقد كان الدور الذي لعبوه كبيرا في السياسة والإدارة، أما الناحية الفنية فلم تكن لهم ولم يكونوا لها، وكان الفرس بماضيهم الفني المجيد أكثر استعدادا منهم للتأثير في الفنون الإسلامية.
ومما نستطيع أن نسوقه للدلالة على صحة نظريتنا هذه: ما نلاحظه من عدم وجود طرف أثرية معدنية من القرن التاسع الهجري، يتبين منها مثلا أسلوب قبائل السيت في تصوير الحيوانات، متداخلا بعضها في بعض بطريقة اختصوا بها، وصارت من أهم مميزات فنونهم، ويوضحها ما كشف من آثارهم في أواسط آسيا وجنوبي روسيا.
15
وعلى كل حال فقد يكون سهلا أن يذهب المرء مذهب الأستاذ شتريجوفسكي
STRZYGOWSKI ، فيقرر أن العرب أخذوا عن الآريين وسكان الطاي
نامعلوم صفحہ
ALTAI
فنونهم البدوية،
16
ولكن ليس من اليسير تأييد مثل هذه النظريات بأدلة علمية قاطعة.
17
هذا وقد عثر رجال البعثة الألمانية في أنقاض بعض البيوت في سامرا على بقايا صور حائطية لم تكن - لسوء الحظ - باقية في أمكنتها الأصلية إلا فيما ندر، وكان أغلبها في حالة سيئة من التلف. ومما يلفت النظر أن أكثر هذه الصور لا يكون مواضيع متصلا بعضها ببعض كما في قصير عمرا؛ وإنما يشمل صورا زخرفية لحيوانات وأشخاص في الصيد، أو لنساء يرقصن.
ومن المعلوم أن الحيوانات في صور قصير عمرا متأثرة بالأساليب الفارسية،
18
بينما تتجلى التأثيرات البيزنطية في تقاطيع الوجوه وأوضاع الأشخاص. أما في سامرا فإن الأساليب الفارسية تتغلب على غيرها، ويتبين ذلك في التناسب
La symétrie
نامعلوم صفحہ
الذي نراه في تصوير الأشخاص والزخارف، وفي الطريقة التي ترسم بها ثنايا الملابس، هذا فضلا عن أن المنسوجات التي تظهر صورها في سامرا كلها من منسوجات خوزستان، ومع ذلك كله فلسنا نذهب إلى نفي كل تأثير بيزنطي في صناعة تصاوير سامرا؛ فإن ياقوت الحموي يحدثنا أنه كان في قصر المختار الذي بناه المتوكل في سامرا صور عجيبة، من جملتها صورة بيعة فيها رهبان.
19
وقد وجد الأستاذ هرتزفلد في أنقاض سامرا بعض إمضاءات إغريقية،
20
فيحتمل أن يكون بين الفنانين الذين رسموا هذه الصور بعض النقاشين الإغريق.
على أن الفنانين من مسيحي الطوائف الشرقية كان لهم بعض التأثير في صناعة الصور المذكورة، كما كان لهم الفضل الأكبر في النهضة بصناعة الصور المصغرة في المخطوطات، ومما تجدر ملاحظته أننا لا نرى في تصاوير سامرا أي أثر يذكر لأساليب التصوير في أواسط آسيا.
وقد أثرت صناعة التصوير في سامرا بدورها على التصوير عند الفاطميين في مصر، كما يتبين ذلك من النقوش التي عثرت عليها دار الآثار العربية في شتاء سنة 1933، بجهة أبي السعود في جنوبي القاهرة، والتي يرجع عهدها إلى الفاطميين، وتتكون من صور كانت على الجدران،
21
وفي صناعتها تأثير ساساني واضح، يشهد بمبالغة الدكتور هرتزفلد حين يزعم أن تصاوير سامرا آخر ما يعطينا أي فكرة عما كانت عليه تلك الصناعة في عهد الساسانيين.
22
نامعلوم صفحہ