فلسفة كارل بوبر
فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم
اصناف
فإننا إذ نعرض لنظرية بوبر في موضوعية المعرفة التي تحررها من أي بعد ذاتي، وتجعلها نسقا من العبارات المحكومة بالعلاقات المنطقية، الخاضعة للمناقشة النقدية، سنجدها تقودنا إلى إعادة صياغة مشكلة هيوم، صياغة تجعلها موضوعية، فلا تعود مشكلة لمعتقداتنا أو لعقلانية معتقداتنا، بل مشكلة العبارات الكلية أو النظريات، وكيف يمكن قبولها أو رفضها على أسس منطقية عقلانية، وعن طريق هذه الصياغة، تمكن بوبر من حل المشكلة، وحينما حلت وجدنا أمامنا منهجا جديدا سليما للعلم لا أثر لاستقراء فيه البتة، أي سار بوبر على النهج التالي: نظرية في موضوعية المعرفة
إعادة صياغة مشكلة الاستقراء وحلها
علم بلا استقراء البتة
منهج جديد للعلم. (4) على هذا نخصص الفصل الثاني من هذا الباب؛ لعرض نظرية بوبر في أن «المعرفة موضوعية»، وفي الفصل الثالث تستغل هذه النظرية في «حل مشكلة الاستقراء»، وحينما تحل لن نجد مناصا من اعتبار «الاستقراء خرافة»، ولكننا رأيناه في الفصل الأول وثنا أعظم، تفانى في عبادته العلماء وفلاسفة العلم، على هذا نخصص الفصل الرابع لتأكيد أن الاستقراء محض خرافة، ولكن ما هو المنهج العلمي إذن؟ موضوع الفصل الخامس هو: «منهج العلم»، وفي نهاية هذا الباب فصل سادس لتقييم كل هذا تقييما نقديا، نناقش بوبر لنرى ما له وما عليه وإلى أي حد يؤدي كل ما سلف إلى حل المشكلة المطروحة للبحث: كيف يمكن تمييز المعرفة العلمية؟
الفصل الثاني
المعرفة موضوعية
مقدمة (1) لا يجوز لرسالة في الفلسفة أن تمر دون التعرض لنظرية المعرفة، فهي أخص خصائص البحث الفلسفي عامة، فما بالنا بفلسفة العلم خاصة، أي فلسفة المعرفة في أرفع صورها وأكثرها تقدما ونجاحا، وبوبر بالذات فيلسوف معرفي قبل كل شيء، همه الأول: تقدم المعرفة ونموها؛ المعرفة الموضوعية. (2) وحين تكتمل الصورة لفلسفة بوبر العلمية، من خلال البحث في تمييزه للمعرفة العلمية، سيتضح كيف أن سائر فلسفته تترتب على نظريته في موضوعية المعرفة، فما يدخل تحت نطاق هذه النظرية عناصر شتى تشكل الأطر العامة لفلسفته؛ لأنها ترسي الأسس الإبستمولوجية لفلسفة في العلم، فضلا عن أن حل مشكلة الاستقراء يأتي كنتيجة مباشرة لها.
لهذا يبدو من الملائم تماما استهلال الحديث عن فلسفة بوبر بعرض نظريته أو نظرياته في موضوعية المعرفة، التي بلغ اعتزازه بها أن يجعلها عنوانا لأحد كتبه. (1) الموضوعية البوبرية مقابل الذاتية التقليدية (1) يميز بوبر بين مغزيين لمعنى كلمة «معرفة»:
المعرفة بالمغزى الذاتي:
الذي يتكون من حالة العقل أو الشعور أو النزوع إلى تصرف أو ممارسة رد فعل، المعرفة هنا هي اعتقادات الذات، ما تراه وتقره أو تنكره، ولكن حينما أقول: أنا أعرف، فهذا يعني أنني أعتقد، بهذا المعنى يستحيل أن أكون مخطئا، طالما أنني فعلا أعتقد، ولكن لا معرفة بغير احتمال دائم للخطأ.
نامعلوم صفحہ