فلسفة كارل بوبر
فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم
اصناف
98
والحق أن هذه محاولة جادة من نيل للإبقاء على كيان عزيز وغال يسمونه الاستقراء، لكنها لا تعدو الإقرار الواقعي الصريح باحتمال إتيان الخطأ في غضون المستقبل، حتى لا يتسرب خفية، فيمثل مشكلة الاستقراء التي لا تحل أبدا. (ح)
من قبل نيل كان فيلسوف العلم الكبير وايتهد استطاع أن يحل المشكلة على أساس نظريته الشهيرة: النظرة العضوية للطبيعة، التي ترفض النظر إلى الطبيعة على أنها واقعة سكونية آلية، بل تنسب إليها نوعا من الحياة وتراها مترابطة
99
ارتباط التعضون، بواسطة العلاقات الداخلية التي يمكنها أن تبرر الاستقراء، فالارتباط الداخلي بين الحوادث يجعل إدراكنا الحسي للحوادث كافيا لاستبصار ما بينها من علاقات سببية ضرورية،
100
وقد أوضح وايتهد أولا أنه يختلف مع هيوم في أن الأمثلة متشابهة لا تنطوي أي منها على أكثر مما في بقيتها من مضمون، كلا هذه الأمثلة ليست بهذه البساطة المتناهية والانفصال عن بعضها كما اعتقد هيوم، وحينئذ نكون مضطرين بالفعل إلى ضرورة عقلية للربط بينها؛ فالتحليل في حد ذاته ضروري للفهم، ولكن الوقوف عند نهاياته والزعم بأنها تمثل الحقيقة هو جريمة في حق الطبيعة العضوية، فالأمثلة الجزئية هي الحوادث وهي ليست مفككة، بل يمتد بعضها فوق البعض الآخر في متواليات تزداد تركيبا وعينية، ومغزاها وضرورتها لا يتضمان إلا في تلاحمها على هذا النحو، بحيث نعطي لأنفسنا الحق في التنبؤ بما سيكون قياسا لما كان، وتستطيع الفلسفة أن تهدأ بالا من مشكلة الاستقراء التي أرقتها زمنا طويلا.
101
الآن هذا قول لا بأس به، ولكن عضوية الطبيعة وعلاقاتها الداخلية محض افتراض ميتافيزيقي ليس لوايتهد أن يلزمنا به، والحق أنه في حد ذاته ليس مقنعا، فكيف نقيم أساس العلم؛ منطقه ومنهجه على افتراضات ميتافيزيقية، يمكن أن نقول عنها: إنها ذاتية، أساس العلم يجب أن يكون مثله موضوعيا ثابتا. (ط)
فتجنشتين حاول هو الآخر تبرير الاستقراء تبريرا سيكولوجيا فقال: إن العملية على أية حال ليس لها أساس منطقي ولكن لها أساسا سيكولوجيا، فمن الواضح أننا لا نجد أساسا للاعتقاد بأن أبسط تسلسل للأحداث يصلح للاعتماد عليه،
نامعلوم صفحہ