فلسفة كارل بوبر
فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم
اصناف
10
كل هذا سابق منطقيا وزمانيا على الملاحظة التجريبية، وعلى إدراك المتشابهات والحكم عليها بأنها تكرارات.
بعبارة أخرى، أية ملاحظة يمارسها العالم لا بد وأن تكون ملقحة قبلا بنظرية معينة، بافتراض معين، نبت في ذهنه فألجأه إلى ملاحظات معينة، بل وأية ملاحظة يمارسها أي كائن حي لا بد وأن تكون ملقحة قبلا بتوقع سابق.
ولتوضيح ذلك نفترض معا أننا نستطيع - ونحن بلا شك نستطيع - بناء آلة استقرائية، ونضعها في عالم مبسط، هذه الآلة تتعلم أن تصوغ قوانين التعاقب المعمول بها في عالمها من خلال التكرارات، يبدو الآن أن افتراض الاستقراء سليم، فإذا كانت الآلة قادرة على ممارسة الاستقراء على أساس التكرار، فليس هناك أسباب منطقية تمنعنا من أن نفعل المثل.
كلا، هذا خطأ، الأمر ليس كذلك، فبناة هذه الآلة الاستقرائية لا بد وأن يكونوا قد قرروا مسبقا ما هي مكونات عالمها وما الذي يؤخذ كمتماثلات، وما الذي يعتبر تكرارات، وأي نوع من القوانين يراد من الآلة أن تكتشفها في عالمها، بعبارة أخرى لا بد أن نبني داخل الآلة إطارا للعمل يحدد الملائم والمهم في عالمها؛ أي إن صناع الآلة قد حلوا مشكلة المتماثلات بالنسبة لها، فأصبح لها مبادئ انتقاء أولية مكنتها من ممارسة عملها واكتشاف القوانين.
11
وهذه المبادئ هي التوقعات الفطرية في سلوك الحياة اليومية، وهي الافتراضات الحدسية في ذهن العالم، والتي لا مناص من اعتبارها سابقة على أية ملاحظة، فيصبح لا مناص من إسقاط المنهج الاستقرائي كافتراض خاطئ. (4) إن النزاع الحاد بين بوبر والاستقرائيين يدور حول من الذي أتى أولا: الفرض أم الملاحظة؟ بوبر يقول الفرض، والاستقرائيون يقولون الملاحظة، وبوبر يضع تشبيها طريفا لهذا النزاع بالمشكلة التقليدية: من الذي أتى أولا الدجاجة أم البيضة؟
من الذي أتى أولا: الدجاجة «ج» أو البيضة «ض»؟
من الذي أتى أولا: الملاحظة «ج» أم الفرض «ض»؟
بوبر يجيب على كلا السؤالين ب «ض» بالنسبة للسؤال الأول فإن الإجابة عليه هي: نوع أولي بدائي من البيض «ض»، أما للسؤال الثاني فهي أيضا نوع أولي بدائي من الفرض «ض»، هي التوقعات الفطرية.
نامعلوم صفحہ