فلسفة كارل بوبر
فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم
اصناف
حل مشكلة الاستقراء
هذه الطريقة في النظر إلى المعرفة، مكنتني من إعادة صياغة مشكلة هيوم في الاستقراء، وبتلك الصياغة الجديدة الموضوعية لم تعد مشكلة الاستقراء مشكلة لمعتقداتنا أو لعقلانية معتقداتنا، بل أصبحت مشكلة العلاقة المنطقية بين العبارات المفردة والنظريات الكلية، وبهذه الصورة أصبحت المشكلة قابلة للحل.
1
مقدمة (1) تماما كما فعل آينشتين بشأن المشاكل المتعلقة بطبيعة الأثير، وهو وسط لانهائي المرونة كثافته أقل من الهواء ويشغل الفضاء، وكان مفترضا بوصفه الوسط الذي تحدث فيه ذبذبات الموجات، تبعا لنظرية هويجنز الموجية في تفسير طبيعة الضوء ، المقابلة لنظرية نيوتن الجسيمة وقد حل آينشتين المشاكل المستعصية المتعلقة بطبيعة الأثير بأن دحض افتراض الأثير نفسه، وبالتالي دحض النظرية الموجية في الضوء؛ فتخلص من الأثير ومن مشاكله.
2
المثل تماما فعله بوبر بشأن فرض الاستقراء؛ فقد حل مشكلته بأن عرضها عرضا منطقيا، يخرج منه بأسس لمنطق العلم لا أثر لاستقراء فيها البتة لكي يحكم حياتنا العلمية أو حتى العملية ، وبالتالي يتخلص من الاستقراء ومشاكله، ويسجل نصرا فلسفيا مؤداه حل مشكلة الاستقراء. (2) ولكي يثبت بوبر هذا، يبدأ تناوله للمشكلة بأن يبسطها على صورتها التقليدية، مبينا عيوب هذه الصورة وجذورها، وكيف ظلت آمادا طويلة مسلما بها، وحتى جاء هيوم، وإذا وصل بوبر إلى هيوم، يطرح مشكلته طرحا مميزا بين عنصريها المنطقي والسيكولوجي، مبينا أخطاءها وأخطاء هيوم الكبيرة، ثم يعيد بوبر صياغة مشكلة الاستقراء، صياغة ترضى عنها نظريته السابق عرضها في موضوعية المعرفة، وتستبعد أخطاء المحاولة الهيومية السابقة، وتحل المشكلة تماما حلا ذا نتائج جمة.
لم يعالج بوبر الموضوع بهذا الترتيب، بل عالج نقطة هنا وأخرى هناك، غير أن أفضل عرض نسقي لأفكاره، إنما هو كالآتي؛ أي كما سنعرضه بهذا التنسيق. (1) نقد المشكلة في صورتها التقليدية (1) أولا وقبل كل شيء، المشكلة في صورتها التقليدية التي عرضها الفصل الأول، قسم (5)، خاطئة، فإذا كانت صياغتها تتمثل في: ما هو تبرير الاعتقاد الواسع بأن الماضي سوف يشابه المستقبل؟ أو: ما هو تبرير الاستدلالات الاستقرائية؟
فإن بوبر يرى كلتا الصياغتين قائمة على أساس خاطئ؛ لأن الصياغة الأولى تفترض الاعتقاد بأن المستقبل سوف يشابه الماضي، ومثل هذا الافتراض خاطئ من أصله، ليس هناك اعتقاد بمشابهة الماضي للمستقبل ما لم نأخذ مفهوم المشابهة بمعنى مرن، يجعله خاويا من المعنى غير ضار. أما الصياغة الثانية فهي تفترض أن هناك شيئا اسمه الاستدلالات الاستقرائية، ثم تبحث عن تبرير لها، مثل هذا الافتراض، حتى وإن كان شائعا الشيوع الذي لمسناه في الفصل الأول، محض وهم، وإنا إذ نعرضه للنقد نلقاه خرافة، ليس هناك شيء - كما سيتضح - اسمه الاستدلال الاستقرائي حتى نقيم حول تبريره المشاكل.
3 (2) والذي جعل له هذه القامة الفائقة، وشيد له تلك الصروح الفلسفية الهائلة؛ فهو أساسها الذي يعود إلى الحس المشترك ذي الشعبية الفائقة، فللحس المشترك
Commonsense
نامعلوم صفحہ