52

فلسفة العلم

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

اصناف

Lavoisier (1743-1794م) فأثبتت له التجارب أن الكبريت والفوسفور إذا احترقا لا يقل وزنهما؛ لأن الفلوجستون خرج منهما، بل يزيد لأن مقدارا ضخما من الهواء يثبت أثناء الاحتراق. وانتهى - قبل أن تطيح الثورة الفرنسية برأسه؛ لأنه من جباة ضرائب الملك - إلى أن هذا يحدث في كل حالة تزيد وزنا عندما تتكلس أو تحترق . واكتشف العالم الإنجليزي بريستلي

(1733-1804م) أن الغاز الذي تمتصه المعادن في هذه الحالات هو الأكسجين فانتهى لافوازييه إلى التركيب الصحيح للهواء، وطرد الكيميائيون الفلوجستون إلى غير رجعة. وكان جوزيف بلاك قد اخترع في عام 1754م التحليل الكيميائي الكمي وتوالت الإنجازات المشابهة، فانفتح الطريق أمام الكيمياء فوصلت إلى قوانين رياضية دقيقة تعلو وتعلو، تضاهي قوانين نيوتن وتتكامل معها في تشييد نسق العلم الحديث.

وكانت علوم الحياة بدورها قد نالت نصيبها من الانتصارات المتوالية في هذا المعمعان الظافر، وأحرزت إنجازاتها الملموسة، منذ أن ظهر كتاب أندريه فيساليوس عن تركيب الجسم البشري في نفس العام الذي ظهر فيه كتاب كوبرنيقوس «دوران الكرات السماوية»، عام 1543م، كان فيساليوس آنذاك لم يبلغ بعد عامه الثلاثين، ولكنه بثقة وجرأة يلفت الانتباه إلى أخطاء جالينوس الذي هيمن على الطب ألف عام، فكأن فيساليوس يعلن الثورة على الطب القديم ويشق طريقا جديدا لعلوم الطب الحديثة يؤكد فيها على التجريب، أو بتعبيره «وضع اليد في قلب العمل». أجرى بنفسه الكثير من عمليات التشريح وصنف مادته ببراعة وعني بتزويدها بالرسوم التوضيحية البديعة والدقيقة. كان فيساليوس بلجيكيا، درس الطب في فرنسا، وعين أستاذا له في جامعة بادوا بإيطاليا عام 1537م. خلفه في منصبه فابريزي

Fabrizzi

فواصل التشريح على الأسس التي أرساها فيساليوس، وحينما نشر فابريزي عمله عن صمامات الأوردة، كان وليم هارفي قد وصل من إنجلترا لدراسة الطب في بادوا، تلقف هذه المشكلة ليخرج بكشفه للدورة الدموية، التي كانت إيذانا ببدء تملك العلم لناصية الجسم الحي. في ذلك الوقت، كان النمساوي باراسيلسوس

(1493-1541م) الذي عين أستاذا للطب في جامعة بازل بسويسرا عام 1526م، يساهم هو الآخر في ثورة الطب الحديث، جمع المصنفات الطبية القديمة وأشعل فيها النار أمام طلبته في قاعة الدرس! ليعلمهم تجاهل الكتب القديمة والتعامل مع الطبيعة مباشرة. وعلى الرغم من طبعه المتبجح الشرس، ساهم في تحرير الطب من السحر والسيمياء والتقاليد العتيقة، وعمل على تأسيس طب حديث قائم على كيماويات من مصدر معدني كالزئبق والأنتيمون، و«كمحصلة لتأثير باراسيلسوس إلى حد بعيد، ارتفع الطب الكيميائي إلى موقع السيطرة على مجريات الطب في القرن السابع عشر».

29

ومنذ ذلك الحين فصاعدا والتعاون بين الطب والكيمياء يجري على قدم وساق، ولعله بلغ ذروة من ذراه مع عالم الكيمياء ذي التأثير الثوري على الطب لوي باستير

L. Pasteur (1822-1895م)، خصوصا بكشوفه في نشاط الميكروبات والبكتريا، التي كان العلم الحديث قد اكتشف عالمها منذ أن توصل أنطون ليفنهوك

A. Leeuvenhoek (1632-1723م) إلى المجهر «الميكروسكوب»، وفي هذه الحقبة التي تمثل مرحلة العلم الحديث، أي منذ القرن السادس عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر، توالت إنجازات الفروع المختلفة لعلوم الحياة، كوظائف الأعضاء «الفيزيولوجيا» والحيوان والنبات والحشرات والبكتريا والكائنات البحرية ... إلخ، فضلا عن علم الحياة العام أي تاريخ الحياة على سطح الأرض.

نامعلوم صفحہ