فلسفہ علم الحیات: ایک بہت مختصر تعارف
فلسفة علم الأحياء: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
شكل 3-1: عروة العقد هي مساحة مثلثة بين قوس منحن وإطار مستطيل أو قبة.
هناك سبب ثان لافتقار صفة إلى الوظيفة له علاقة بما قبله. ينشأ هذا السبب من حقيقة أن الجين الواحد قد يؤثر على عدة صفات. نتيجة لذلك، غالبا ما توجد ارتباطات وراثية بين الصفات، أي إن الكائن الحي الذي يحمل الصفة أ يرجح أن يكون حاملا للصفة ب أيضا. أي إنه إذا كان الانتخاب الطبيعي يحابي إحدى الصفتين، فستلازمها الأخرى أو ستتطفل عليها. على سبيل المثال، افترض أنه في نوع ما من النباتات، تتمتع تلك التي تمتلك أزهارا زاهية الألوان بأفضلية انتخابية على ذات الألوان الأبهت، إذ تكون أكثر جذبا للملقحات. افترض أيضا أنه لأسباب وراثية يرتبط امتلاك أزهار ملونة بامتلاكها أسدية قصيرة. افترض أن حجم السداة نفسه محايد انتخابيا، أي إنه لا يؤثر على الصلاحية. ومن ثم، إذا كان الانتخاب الطبيعي يؤدي بالنباتات إلى أن تطور أزهارا أزهى لونا، فسيؤدي بها إلى أن تمتلك أسدية أقصر. لكنه سيكون من الخطأ أن نسعى لإيجاد تفسير وظيفي لتطور أسدية أقصر في النباتات. فصفة قصر السداة لا وظيفة لها في حد ذاتها؛ بل إنها جاءت ملازمة لصفة تألق لون الأزهار، التي لها وظيفة، ألا وهي جذب الملقحات. المغزى هو أنه عندما يؤدي الانتخاب الطبيعي إلى تطور صفة لها وظيفة، فقد تلازمها أيضا صفة لا وظيفة لها.
السبب الثالث الذي قد يجعل افتراض الوظيفة مضللا ينبع من الصفات اللاوظيفية أو بقايا عملية التطور. (الزائدة الدودية أحد الأمثلة التقليدية لذلك، لكن كما سبق أن ذكرنا فإن افتقادها للوظيفة من عدمه لم يحسم بعد.) القشعريرة التي تصيب الإنسان هي مثال أفضل. فالقشعريرة عند البشر هي شكل متدهور من صفة موجودة في جميع الثدييات، ألا وهي انتصاب شعيرات الفرو استجابة للبرد أو الخوف. هذه الاستجابة تكيفية عند الكثير من الثدييات، إذ يساعد انتصاب الفراء على حبس الحرارة وقد يرهب الأعداء. لكن شعيرات جسد الإنسان أقصر من أن تؤدي أيا من الأمرين بفاعلية. لو أن باحثا يتبنى النظرة التكيفية ولا يدرك أن القشعريرة ليست «أصلية» في السلالة البشرية، فقد يفترض خطأ أن للقشعريرة وظيفة ما حتما عند البشر، وقد يقوده افتراضه ذلك إلى وضع قصة تخمينية لتفسير هذه الوظيفة. هذا بالطبع سيكون خاطئا. المغزى العام هو أن التطور لا يصمم كل نوع من الصفر، بل يبنى على ما هو موجود بالفعل؛ والصفات اللاوظيفية هي إحدى نتائج ذلك.
تقودنا هذه النقطة إلى السبب الرابع لقصور المنطق التكيفي، ألا وهو وجود ما يسمى «قيود النمو». فعملية النمو الجنيني التي بها تنمو اللاقحة إلى كائن حي بالغ، قد تحد كثيرا من التباينات المحتملة التي يختار منها الانتخاب الطبيعي. تأمل مثلا تصميم الجسد الرباعي الأطراف في كل الفقاريات البرية. نظرا لشيوع تصميم الجسد هذا، فقد يميل أحد ذو نظرة تكيفية إلى منحه سببا وظيفيا؛ أي القول بأن وجود أربعة أطراف له أفضلية تكيفية على أي عدد آخر من الأطراف. قد يكون هذا صحيحا؛ لكن يوجد تفسير بديل ألا وهو أنه ببساطة عندما تطور تصميم الجسد رباعي الأطراف لأول مرة، لم يكن ثمة سبيل لأن يلغيه التطور، باعتبار آلية عمل النمو. أي إنه لا توجد طريقة سهلة تعيد بها الطفرات الوراثية ترتيب تصميم الجسم الكامل الذي وضع في المراحل الأولى للنمو دون إحداث تأثيرات مدمرة في باقي أجزاء الجنين. إذا كان الأمر كذلك، فإن التفسير الصحيح لسبب شيوع تصميم الجسد الرباعي الأطراف من الناحية التصنيفية ليس هو التكيف مع البيئة فحسب، بل ينطوي أيضا على قيود نمائية.
توضح عروة العقد، وتلازم الصفات، والصفات اللاوظيفية، والقيود النمائية خطورة الافتراض دون أدلة قوية أن لكل صفة في كل كائن حي وظيفة أو أنها تكيفية. كان جولد ولونتين محقين في التركيز على هذا، وقد كان نقدهما بمثابة تصحيح مفيد لمسار الاتجاه التكيفي المخالف للمعايير في علم الأحياء (على الرغم من أنه يمكن القول إنهما صورا آراء خصومهما بشكل كاريكاتوري إلى حد ما). يدرك علماء الأحياء المعاصرون جيدا الصعوبة المنهجية في تحديد ما إذا كان لصفة ما وظيفة (بمعنى أثر منتخب) وإذا كانت كذلك، فما وظيفتها. إن أكثر المحاولات حذرا لتوضيح الوظيفة تتضمن مجموعة متنوعة من الأدلة بما فيها المقارنات بين الأنواع، والتحليل الوراثي، والتعديلات التجريبية لصفة ما لمعرفة تأثيرها على الصلاحية، وغيرها. في أفضل الحالات، تلتزم تلك الأبحاث بالمعايير العلمية الصارمة، وترقى إلى أكثر بكثير من مجرد تأليف قصة «صادقة». لكن يجب الاعتراف أيضا بأنه في الكثير من الأوساط البيولوجية ما يزال يوجد نزوع للبحث عن وظائف للسمات، رغم نقد جولد ولونتين. سواء كان هذا يعبر عن انحياز معرفي، أو كان استجابة منطقية لانتشار التعقيد التكيفي في الطبيعة، فهذه مسألة تحتمل الآراء.
ما خلص إليه جولد ولونتين هو أنه من الخطأ «تجزئة» كائن حي إلى مجموعة من السمات ثم البحث عن تفسيرات وظيفية لكل سمة منفردة. وإنما يجب التعامل مع الكائن الحي باعتباره «كلا متكاملا». وهو اقتراح وجاهته محل جدل. فصحيح أن النزوع إلى التجزئة هو سمة من سمات التفكير التكيفي؛ وهو قطعا لا يناسب جميع الحالات، لأن التطور لا يستطيع دائما أن يغير أحد أجزاء الكائن الحي دون إحداث تأثيرات غير مباشرة في مواضع أخرى منه. على سبيل المثال، إذا طورت الزرافات أعناقا أطول، فقد يؤدي ذلك في الوقت نفسه إلى تقليل سرعة ركضها؛ لذا لا يمكن تحسين طول العنق وسرعة الجري منفصلين. ولكن من الناحية العملية، كثيرا ما ثبت أنه من الممكن دراسة تطور صفة واحدة بمعزل نسبيا عن باقي صفات الكائن الحي. على سبيل المثال، يستطيع علماء الأحياء دراسة تطور رقصة طيور الجنة دون دراسة تفضيلاتها الغذائية، والعكس صحيح. لذلك في بعض الحالات على الأقل، لا تمثل معاملة الكائن الحي باعتباره مجموعة من الصفات المنفصلة عائقا أمام الفهم التطوري. كان جولد ولونتين محقين في لفت الانتباه إلى الميل إلى التجزئة المتغلغل في جزء كبير من المنطق التطوري، ولكن ما إذا كان هذا يمثل مشكلة أم لا، فذلك ينبغي تقييمه باعتبار كل حالة منفصلة.
الفصل الرابع
مستويات الانتخاب
إن مسألة «مستويات الانتخاب» هي أحد أهم المسائل في علم الأحياء التطوري، ومحل كثير من الجدل. لفهم المسألة، تأمل أحد التفسيرات الداروينية التقليدية كالتي ناقشناها في الفصل الثاني، على سبيل المثال لماذا تطورت صفة العدو بسرعة هائلة لدى الفهود. قد يكون التفسير كما يلي:
في الماضي، كان هناك تباين في سرعة عدو الفهود. وكانت الفهود الأسرع أقدر على اصطياد الفرائس، لذا كانت تتمتع بأفضلية في البقاء فتركت ذرية أكثر. علاوة على ذلك، كانت سرعة العدو وراثية؛ فكانت ذرية الفهود الأسرع تنزع إلى سرعة العدو. هكذا على مدى أجيال عديدة، تطورت سرعة عدو الفهود لتصير أسرع فأسرع.
نامعلوم صفحہ