فلسفہ علم الحیات: ایک بہت مختصر تعارف
فلسفة علم الأحياء: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
لعلك تتساءل إذا كانت تلك الضجة كلها سببها مجرد كلمة. الإجابة هي لا، لسببين. أولا، ما يثير تلك المسألة الفلسفية ليس «الوظيفة» وحدها، بل مجموعة أشمل من التعبيرات المستخدمة في علم الأحياء. تشتمل هذه المجموعة على تعبيرات أخرى مثل «من أجل» و«بغرض». ومن ثم، فإن سداة النبات هي من أجل صنع حبوب اللقاح، وطيور السنونو تهاجر إلى الجنوب بغرض الهروب من الشتاء القاسي. ثانيا، الظاهرة اللافتة هنا لا تخص اللغة فحسب، بل تخص أيضا نمطا مميزا من التفسير. نمطا يستلزم تفسير وجود عنصر بيولوجي ما أو تفسير طبيعته من خلال الحديث عن الغرض من هذا العنصر، أي وظيفته. على سبيل المثال، هب أننا نسأل لماذا يمتلك نبات الصبار شوكا. الإجابة هي: إن الغرض من شوك الصبار هو ردع آكلات العشب. أو هب أننا نسأل لماذا تمتلك الأسماك خياشيم. الإجابة هي: للأسماك خياشيم للتنفس تحت الماء. كما تبين هذه الأمثلة، غالبا ما يكون لذكر وظيفة العنصر البيولوجي دور رئيس في التفسيرات التي يقدمها علماء الأحياء.
هذا التفسيرات الوظيفية تتشابه بوضوح مع التفسيرات المطلقة (أو التكيفية) التي تطرقنا لها في الفصل السابق، التي تفسر خصائص الكائن الحي من خلال بيان إسهامها في دعم صلاحيته البيولوجية. في الواقع، قد يظن المرء أن التفسيرين - الوظيفي والتكيفي - هما في الحقيقة واحد. من هذا المنظور، تكون وظيفة عنصر بيولوجي ما هي ببساطة أهميته التكيفية، أي إسهامه المحدد في صلاحية الكائن الحي؛ وعملية تفسير وجود أو طبيعة ذلك العنصر، من خلال ذكر وظيفته، تكافئ طرح تفسير تكيفي، أو على الأحرى تكافئ القول بأن الانتخاب الطبيعي أدى إلى تطوره. هذا منظور جذاب، لكنه كما سنرى، ليس الطرح الوحيد لكيفية فهم الحديث الوظيفي في علم الأحياء.
الوظائف والأدوات
لقد ذكرنا أن العلوم الفيزيائية قلما تستخدم مفهوم الوظيفة. ولكن، يوجد سياق غير بيولوجي يشيع فيه الحديث عن الوظيفة، ألا وهو وصف الأدوات التي صنعها الإنسان. على سبيل المثال، نقول إن وظيفة الساعة الشمسية هي معرفة الوقت؛ ووظيفة العارضة هي حفظ اتزان القارب؛ ووظيفة الصمام هي الحفاظ على ضغط الهواء داخل الإطار. بخلاف الكائنات الحية، الأدوات صممها البشر بقصد أداء وظيفة معينة. وهذه الحقيقة تبدو لازمة لفهم المقصود بالحديث عن الوظيفة في هذا السياق. ما يجعل وظيفة الساعة الشمسية هي معرفة الوقت فعلا هو أن شخصا ما صممها عمدا بنية متابعة الوقت بدقة. وكذلك عارضة القارب وصمام الإطار. إذن وظيفة الأداة أو أحد أجزائها، تنشأ من قصد مصممها البشري.
تتشارك وظائف المصنوعات مع الوظائف الحيوية في أوجه لافتة. أولا، ينطبق الاختلاف بين الوظيفة وتأثيراتها الجانبية غير المقصودة بشكل مساو على الأدوات. فلعارضة القارب استخدامات إضافية بجانب حفظ اتزان القارب، مثل إيواء محار البرنقيل وتوفير موضع لتعليق موجه الدفة. لكن هذه ليست وظائف العارضة؛ ليست الأغراض التي قصد صانعو القارب أن تستخدم العارضة من أجلها. ثانيا، ينطبق مبدأ الخلل الوظيفي أيضا على الأدوات. فالساعة الشمسية التي لا تتتبع الوقت بدقة، أو الصمام الذي يسرب الهواء بهما خلل؛ إذ لا يعملان كما يجب. بالتالي فإن مفهوم أداء الوظيفة «على الوجه الصحيح» ينطبق على الأدوات، وهو يعني «بما يتفق مع مقاصد الصانع». ثالثا كما هو الحال في العناصر الحيوية، قد يفسر ذكر وظيفة أداة ما السبب وراء وجودها، أو سبب امتلاكها لخواصها. هب أن طفلا سأل عن سبب وجود العارضة في القارب وسبب وجود الصمام في الإطارات الهوائية. الإجابة المعقولة ستكون أن الغرض من العارضة هو حفظ اتزان القارب واستقراره، والغرض من الصمام هو الحفاظ على ضغط الهواء في الإطار.
بوضع تلك التشابهات في الاعتبار، قد يتساءل المرء إن كان الحديث عن الوظيفة إنما هو من مخلفات معتقدات عصر ما قبل الداروينية، عندما كان يعتقد أن الكائنات الحية مثل الأدوات قد صممت بغرض معين. من منظور الخلق الإلهي، يمكن فهم سمات الوظيفة من الناحية الطبيعانية باعتبارها إشارة لمقاصد الخالق (على افتراض أنه بالإمكان معرفة هذه المقاصد). يمكن تفسير العبارة القائلة بأن وظيفة هيكل السلطعون هي حماية أحشائه بأن الإله قد صمم الهيكل بغرض حماية الأحشاء؛ وبالمثل بالنسبة إلى عبارات إسناد الوظيفة الأخرى. إذن فربما يكون الحديث عن الوظيفة في علم الأحياء المعاصر مجرد إرث عابر من فترة زمنية سابقة، مثلما يتحدث علماء الفلك عن «شروق الشمس» على الرغم من أن لا أحد ما زال يعتقد أن الشمس تدور حول الأرض.
هذا طرح مترابط منطقيا، وهو يفسر بالتأكيد أوجه التشابه بين وظائف الأدوات والوظائف البيولوجية. لكنه ليس معقولا جدا. فعندما يستخدم علماء الأحياء المعاصرون الصور الدالة على الوظيفة، يعكسون انطباعا قويا بأنهم يستعملونها بالمعنى الحرفي، وأن ما يقولونه له معنى محدد غير مجازي. ما لم يكن الأمر كذلك، فسيصعب إيجاد أي منطق في العديد من الجدالات في علم الأحياء عن وظائف صفات معينة. على سبيل المثال، كان يقال قديما إن الزائدة الدودية البشرية ليس لها وظيفة؛ لكن الأبحاث الحديثة شككت في ذلك؛ إذ ذهبت إلى أن الزائدة الدودية لها وظيفة، وهي تخزين بكتيريا القناة الهضمية المفيدة. استعمل علماء الأحياء المشاركون في هذا البحث المصطلحات الدالة على الوظيفة عمدا؛ لذا يصعب تصديق أن مصطلحاتهم هي مجرد آثار باقية من رؤية ما قبل تطورية للعالم.
هناك طرح بديل يقول إن التشابهات بين وظائف الأدوات والوظائف البيولوجية تنشأ لأن الانتخاب الطبيعي يلعب دورا مماثلا لدور المصمم البشري. وهو اقتراح معقول نوعا ما، فكما رأينا في الفصل الثاني، الكائنات الحية التي تطورت عادة ما يتجلى فيها التصميم بوضوح، باعتبار ما فيها من تعقيد تكيفي بالغ. إذن هذا الطرح يقول إن الحديث عن وظيفة عنصر ما يكون معقولا إذا تحقق فيه شرطان. إما أن يكون فاعلا ما قد صممه متعمدا بغرض تأدية وظيفة ما، أو أن تتجلى فيه أمارات التصميم، أي إنه قد تطور بفعل الانتخاب الطبيعي نتيجة لتأثيره على الصلاحية. لو صح ذلك، فمن شأنه أن يفسر منطقية الحديث عن وظيفة الكلية أو الساعة الشمسية، لكن ليس عن وظيفة النهر الجليدي. يقودنا هذا الطرح مباشرة إلى أكثر التحليلات الفلسفية عن الحديث الوظيفي في علم الأحياء شعبية: نظرية سببية الوظائف.
نظرية سببية الوظائف
تعني دراسة «سببية» شيء ما تتبع تسلسل أسبابه. الفكرة الأساسية وراء النظرية السببية بسيطة، ألا وهي أن الحديث عن الوظيفة البيولوجية لعنصر ما يعادل الحديث عن السبب الذي أدى بالانتخاب الطبيعي لتطور هذا العنصر. تأمل رقصة طائر الجنة مرة أخرى. اعتبار أن الانتخاب الطبيعي أدى إلى تطور رقصة الطائر بسماتها الدقيقة، لأنها تجذب الإناث للتزاوج لا لأنها تجذب الأعداء لهي فرضية معقولة. معقولة لأن جذب الإناث له تأثير إيجابي على صلاحية الكائن الحي، على عكس جذب المفترسين. إذا صحت تلك الفرضية، فإذن النظرية السببية تقول إن وظيفة الرقصة هي جذب الإناث. بصفة أعم، تنص النظرية على أن وظيفة أي عنصر أو صفة بيولوجيين مرتبطة بالأثر الذي دفع الانتخاب الطبيعي إلى تفضيله. تعرف هذه النظرية أيضا باسم نظرية «التأثير المنتخب» للوظيفة.
نامعلوم صفحہ