انگریزی فلسفہ میں سو سال (پہلا حصہ)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
اصناف
وعلى الرغم من أن علم النفس عند «بين» قد نشأ من تراث المدرسة الإنجليزية، التي التزمها التزاما تاما، سواء في مناهجها في البحث وفي مسلماتها الفلسفية، فإنه ينكشف في نواح عديدة عن تقدم يتجاوز الوضع القديم، وتظهر فيه دلائل تبشر بالفترة المقبلة للمذهبين التطوري والإرادي (evolutionism & voluntarism)
ويتمثل تعلقه الشديد بالتراث في تقديره الواضح للوقائع، واحترامه للعلوم الدقيقة وجمعه واستغلاله لكميات هائلة من مواد البحث، كما يتمثل أيضا في منهجه الوصفي التحليلي، واحتفاظه بمبدأ الترابط (أو التداعي)، ويتمثل أخيرا في رفضه للميتافيزيقا النظرية الخاصة حول جوهر النفس، وقد تميز عن مل وأبيه، اللذين اقتصرا على علم النفس المتعلق بالوعي، بأنه وسع آفاق علم النفس في اتجاه علم وظائف الأعضاء، مثلما فعل «هارتلي» من قبله، وإن لم يكن قد اتبع في ذلك أسلوب هارتلي الغامض، الذي جمع بين الصيغة الدقيقة والصيغة الميتافيزيقية، وإنما انتفع إلى أقصى حد بالنتائج الفسيولوجية التي كانت متوافرة في ذلك العصر، ولا سيما تلك التي قدمها «يوهانس مولر
Johannes Muller »،
12
وبذلك وضع علم وظائف الأعضاء بكل عتاده في خدمة علم النفس، وقد بحث في العلاقات بين الظواهر النفسانية وبين نظائرها في المخ والجهاز العصبي، ورد العمليات النفسانية العليا إلى أسسها الغريزية وشروطها العضوية، كل ذلك دون وجود أي دافع من النظر الفلسفي المحض، بل مع التزام حدود العلم الدقيق. ولكن على الرغم من أن «بين» لا يستخلص أية نتائج مادية، بل إنه يرفضها صراحة، فإنه يذهب في رده الحياة الذهنية بأسرها ومجال الوعي كله إلى عمليات مادية إلى حد يصبح معه مهددا على الدوام بالوقوع في هوة المادية، ولا يعصمه عنها إلا تحويله علم النفس إلى علم طبيعي دقيق، وتجنبه كل قرار فلسفي نهائي. وكما أن محاولة هارتلي الأولى لبناء الحياة الذهنية على عمليات علم وظائف الأعضاء لم تفلت من الوقوع في المادية إلا بفضل إيمانه الديني القوي، فإن هذه المحاولة الثانية التي قام بها «بين» لم تفلت من مصير مماثل إلا بفضل اهتمامه بالمنهج العلمي الدقيق.
وقد عمل «بين» على توسيع نطاق علم النفس المبني على الترابط (التداعي) وتحسينه في نواح هامة، وأدخل أفكارا جديدة متعددة في إطاره الجامد، ولم يقتصر - كما اقتصرت هذه المدرسة في علم النفس - على الاهتمام بالعقل وحده، وإنما اعترف اعترافا كاملا بالعوامل العاطفية والدوافع الأولية والغرائز والانفعالات ... إلخ، كما اعترف بالأهمية الحاسمة لمجال الإرادة بأسره في تكوين العمليات النفسانية وتوجيهها. وهكذا كان هو أول عضو في مدرسته يحاول الخروج على آلية الترابط السلبية، والاعتراف بإيجابية الحياة الذهنية وتلقائيتها، كذلك حاول التخلص من فكرة تفتيت النفس بالنظر إليها على أنها عملية سيالة أو متصلة، أكثر منها مجموعة من العناصر المترابطة، وكان في ذلك كله يعمل حسابا لعنصر الإرادة وما يناظره في المجال الفسيولوجي. وعلى الرغم من أنه كان بعيدا عن الآراء التطورية (إذ إن أول كتابيه الهامين قد ظهر في نفس الوقت الذي ظهر فيه كتاب «مبادئ علم النفس» لسبنسر، وثانيهما قد ظهر في نفس العام الذي ظهر فيه «أصل الأنواع» لدارون)، فإنه استشهد في تفسيراته على عوامل فسيولوجية وبيولوجية، واستعان أكثر ممن كانوا قبله بالمنهج التكويني
genetic ، ومن الجوانب الأخرى الهامة في أعماله، فنظريته في الانتباه، التي أكد فيها أهمية عنصر الإيجابية، وإحياء نظرية هيوم في الاعتقاد
belief ، ومناقشته لمشكلة العالم الخارجي في صدد نظرية المعرفة، فالشيء الخارجي ليس في رأي «بين» مجرد ناتج لسلاسل من الحاضرات الذهنية المرتبطة ارتباطا وثيقا، والتي تتلقاها سلبيا، وإنما هو عامل مفترض ضمنا في سلوكنا العملي، يطلق فينا طاقات توترية، ويضع نفسه، من ناحيته الخاصة، في مقابلنا. ويرى «بين» أن أصل اعتقادنا بحقيقة خارجية أو منفصلة إنما يكمن في الشعور الذاتي بمثل هذا التقابل، وهنا أيضا تحل وجهة النظر العاطفية والإرادية
voluntarist
محل الحسية
نامعلوم صفحہ