ہندی فلسفہ: ایک بہت مختصر تعارف
الفلسفة الهندية: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
وتبقى فئتان من الفئات اللازمة مناقشتها، وهاتان الفئتان هما الفعل والغياب، ويعد الفعل هو الأهم بينهما؛ لأنه يمثل السمة النشطة والفعالة للمادة، في حين أن الصفات سلبية وخاملة. والفعل هو المسئول عن كافة الأنشطة الواضحة، بالإضافة إلى كونه مسئولا عن طريقة تحول الذرات إلى أشياء مركبة، وطريقة توقفها عن التحول لأشياء مركبة. وفي هذه السمة الأخيرة، يعد الفعل مطلوبا بالإضافة إلى التأصل؛ لأنه يمثل العامل «المسبب»؛ فالفعل هو المسئول عن السببية ككل، ويمكن للمرء أن يبدل من الناحية المفاهيمية «السببية» ليحل محلها «الفعل» ليكون هو اسم هذه الفئة؛ على الرغم من أن أتباع فلسفة «فايشيشيكا» أنفسهم لم يفعلوا ذلك مطلقا.
إن اعتبار الغياب فئة مستقلة يمكن أن يعد أمرا مفاجئا في مدرسة فكرية واقعية عن ظهر قلب كمدرسة فايشيشيكا. وقد أضيفت هذه الفئة إلى القائمة الأصلية المكونة من ست فئات لإضافة توضيح يقول إن الغياب أو عدم الوجود يعد حالة حقيقية و«واقعية» في نظام يعتبر فيه الوجود صفة متأصلة للشيء قيد الفحص المتمثل في الواقع. وعلى هذا النحو، فقد سمحت صفة «الغياب» لجمل على شاكلة: «لا توجد زهرة هنا» و«الأثير لا يمتلك أية صفة قابلة للإدراك»، بأن تكون ذات معنى حقيقي. وفي هاتين الجملتين تحدد خمسة أنواع من الغياب هي: عدم وجود زهرة هنا (الغياب)، الزهرة ليست بقرة (اختلاف)، لا توجد زهرة بعد على شجيرة الزهور (عدم وجود سابق للوجود)، الزهرة لم تعد موجودة (عدم وجود يعقب الوجود)، صفة الزهرية لا توجد مطلقا في البقرة (شيء لا يوجد أبدا). ونظرا لأن الغياب كان في حد ذاته جزءا من الواقع على هذا النحو فقد خصصت له فئة منفصلة خاصة به.
ولا يعرف بالضبط كيف توصل أتباع مدرسة فايشيشيكا لهذا النظام الوجودي؛ إذ إنه ليس واضحا إذا ما كانوا يحاولون وصف الواقع أم يحاولون تكوين نظام قائم على الواقع؛ ومن ثم فإنه من غير المعروف من أين حصلوا على هذه الصيغة المتمثلة في النظام الفئوي، أو المعايير المستخدمة في تحديد العوامل المختلفة التي ضموها في هذا النظام. وعندما تبنى أتباع مدرسة نيايا النظام الوجودي لمدرسة فايشيشيكا، فإنهم لم يشككوا به أيضا. أما ما يمكننا قوله عن هاتين المدرستين فهو أن أتباعهما سعوا إلى وضع حقيقة مطلقة لعالم الحس العام التعددي، وأنهم اعتبروا أن تصورات الحس العام تقدم تمثيلا حقيقيا لذلك العالم، ورغم ذلك فقد اختاروا بعد ذلك تقسيمه إلى فئات. وبهذه الطريقة منحوا أولوية فائقة للتصورات الحسية باعتبارها وسيلة للمعرفة، على النقيض من اعتماد جايميني وبادارايانا على الشهادة. ورغم ذلك، فإن هذا القبول لصحة التصورات الحسية للعالم اليومي قد تبنى الموقف الوجودي الذي أقره مؤولو النصوص الفيدية، لكن هذا القبول تعرض لتشكيك الآخرين فيما بعد، وكان البوذيون أبرز المشككين، كما سنرى في الفصل التالي.
إسهام نيايا
أضاف مفكرو نيايا، بداية بجوتاما في «نيايا سوترا»، عاملين في غاية الأهمية إلى نظام فايشيشيكا؛ أول هذين العاملين هو أنهم وضعوا معيارا واضحا يمكن وفقا له التوضيح على نحو منطقي أن حقيقة كل عامل من عوامل النظام هي تلك الحقيقة الموصوفة في النظام؛ وهذا يعني أنهم قدموا «طريقة» معينة، تقوم على قواعد فكرية محددة، يمكن من خلالها التوصل لمعرفة مؤكدة حول الشيء محل الاستقصاء، وهذا سمح لهم أن يزعموا أنهم «أثبتوا» الواقعية التعددية التي تقدمها لنا تصوراتنا. وجدير بالذكر أنه بالإضافة إلى التصورات الحسية فقد قبلت مدرسة نيايا صحة التصورات اليوجية المذكورة في الفصل الأول، بالإضافة إلى كافة أنواع التصورات الممكن أن نطلق عليها في العموم تصورات «حدسية». بيد أنه من بين كل هذه التصورات نجد أن التصورات الحسية تلعب الدور المعرفي (الإبستيمولوجي) الأهم بالنسبة لأتباع مدرسة نيايا. وكانت الطريقة الرسمية لمدرسة نيايا هي أقدم طريقة تظهر في مجتمع الجدل المزدهر في الهند القديمة، وكان للقواعد التي وضعتها أثر دائم على التقليد في مجمله. كما أنها أسهمت أيضا في قواعد الجدل على نحو عام إلى حد كبير؛ إذ أوضحت الأمور التي تجعل الحجة غير صحيحة أو غير مقبولة.
أما العامل المهم الثاني، الذي أضافه مفكرو نيايا إلى نظام فايشيشيكا، فهو قولهم إن المعرفة المكتسبة بهذه الطريقة كانت فعالة من الناحية السوتريولوجية (أي إن اكتساب هذه المعرفة يؤثر على مصير المعتنقين)؛ وهذا أمر لم يهتم به مفكرو فايشيشيكا على نحو واضح، وربما السبب في ذلك هو أن كانادا كان مهتما بالدارما (بوصفها تركيبة الكون) أكثر من اهتمامه بالموكشا (الخلاص أو التحرر). وعند تقديم طريقة التوصل للمعرفة المؤكدة قال جوتاما إن هذه الطريقة يجب استخدامها في حالات معينة. وقدم قائمة توضح «الأشياء ذات المعرفة الحقيقية»، وتضم هذه القائمة تلك الأشياء المشروع التساؤل عن وجودها وطبيعتها؛ لأن المعرفة المتعلقة بوجودها وطبيعتها تسهم في الوصول إلى «الصالح الأعلى»، ذلك الصالح المفهوم في هذا التقليد أنه يعني التحرر.
سوف نناقش طريقة نيايا مع الإشارة أولا إلى المعايير التي وضعتها لإجراء الاستقصاء، ثم الإشارة ثانيا إلى قائمة الأشياء المشروع الاستفسار عنها، وهذا سيقودنا إلى مناقشة طريقة تناولها، مع أمثلة محددة من تلك القائمة.
المعرفة المؤكدة المتعلقة بالوسائل المناسبة لاكتساب المعرفة الصحيحة وتلك الأشياء المشروع التساؤل عنها ... (والعوامل الأخرى وثيقة الصلة المتعلقة بطريقة ومنهج النقاش)؛ تؤدي إلى الوصول إلى الصالح الأعلى.
إن التخلص من المعرفة الزائفة ... [في نهاية الأمر، بعد عدة مراحل] هو ما يؤدي إلى التحرر. «نيايا سوترا»، المجلد 1
متابعة التقدم
نامعلوم صفحہ