vision
والاستراتيجية حيث تقول: «لا أقصد استراتيجية ذات أهداف طويلة المدى محددة بين ولايتين انتخابيتين ويمكن مراجعتها حسب الظروف، وإنما أقصد رؤية سياسية يستطيع مؤسسو الجمهوريات تملكها.»
33
وتتلخص الرؤية السياسية التي تقصدها هنا سيلا في الأسئلة التالية: كيف يمكن ضمان الاستمرارية والبقاء؟ ما هي المؤسسات المستدامة التي يمكن أن تضمن للأجيال اللاحقة الازدهار كأفراد وكمواطنين؟ (أ) ميلاد حركة حماس وأيادي تدبير الصراع في المنطقة
تستشهد سيلا بن حبيب بمقال إدوارد سعيد الذي نشره في مجلة نيويورك تايمز في خريف 1992، والذي أعلن فيه نهاية أيديولوجية منظمة فتح. بحيث فسح «الفراغ الذي أحدثه انهيار الأيديولوجيات البيروقراطية، والعسكرية، الحديثة والغربية، في مجمل العالم العربي، المجال للأيديولوجيات الإسلامية التي مثلها حزب الله وحركة حماس».
34
وهنا نرى عمق تحليل الفيلسوفة التي تتابع عن كثب الوضع في مجمل منطقة الشرق الأوسط، حيث ترى أن «الإسلاموية الجديدة تمثل رؤية أخلاقية خالصة، تأديبية، تمتح من ثورة آيات الله الخميني ضد الغرب التي لقيت صدى في الأراضي الفلسطينية بفضل خطابها الشرس والداعي إلى تدمير الدولة اليهودية».
35
لقد نجحت الثورة الإيرانية في بسط خطابها السياسي-الأيديولوجي في الأراضي الفلسطينية بفضل «البرامج الخيرية في إعادة التوزيع والتضامن الإسلامي»، هذا ناهيك عن المد العالمي لحركة الإخوان المسلمين التي لقيت بدورها دعما من طرف الطبقات المتوسطة والبرجوازية الصغيرة المتذمرة من التسلط والاستبداد السياسي الذي ساد المنطقة من جراء صعود بعض الأنظمة العسكرية إلى الحكم.
وتؤكد سيلا بن حبيب أن حركة حماس - كما هو الشأن بالنسبة لحركات أخرى في تركيا وفي الشرق الأوسط - قدمت «منظورا للمساواة و«إعادة التوزيع» والتضامن الإسلامي»، وهو المنظور الذي لقي إقبالا جماهيريا نتيجة سياسة التفقير والتجاهل التي مارستها الأنظمة السياسية، ورغم ذلك فهو منظور يعمق في نظرها «التسلط ومعاداة الليبرالية»، رغم أن معاداة الليبرالية تبقى موضع سؤال، بالنظر إلى أن بعض الدراسات المتخصصة في شئون الحركات الإسلامية بالمنطقة ترى أن هذه الحركات قد اندمجت كليا مع الرأسمالية ولا تتبنى أي برامج معادية للفكر الليبرالي، أو للرأسمالية كنظام اقتصادي، وفي هذا الصدد نستحضر على سبيل المثال تحليل جلبير الأشقر الذي يؤكد أن حركة الإخوان المسلمين مثلا في مصر تستند في خطابها وممارستها السياسية على خدمة مصالح قسط هام من البرجوازية المصرية حيث يقول: «وفي المنطقة العربية، فإن راية الأصولية الإسلامية هي التي رفعتها بوجه عام الحركة الممثلة للتطلع الرجعي إلى «جعل عجلة التاريخ ترجع القهقرى»، داعية للعودة إلى عصر ذهبي إسلامي حاكت حوله أسطورة. وهي تجد قاعدتها الاجتماعية بين الطبقات الوسطى التقليدية، وكذلك في صفوف مثقفي تلك الطبقات، سواء التقليديون منهم (رجال الدين بوجه خاص) أو العضويون (الطلاب، المعلمون، المراتب الدنيا والوسطى من المهن الحرة).»
نامعلوم صفحہ