فلسفہ انواع اور مسائل

فؤاد زكريا d. 1431 AH
143

فلسفہ انواع اور مسائل

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها

اصناف

الفصل الرابع عشر

الحتمية في مقابل اللاحتمية

ما مدى حرية الإنسان؟

رأينا أن تحليل مفهوم الإلزام يؤلف قدرا كبيرا من التفكير النظري الأخلاقي. فمن أين تأتي «وجوبية» الوجوب؟ وما واجبنا؟ ولم كان واجبا علينا؟ ولم كان ينبغي علي أن أؤدي واجبي؟ هذه الأسئلة، مضافة إلى تلك التي تتركز في مشكلتي الخير الأسمى والحياة الخيرة، تدل على أن الأخلاق دراسة معيارية

Normative

تختص بتعريف معايير أو مقاييس معينة.

ومن بين المسلمات الأساسية التي يتعين على أية دراسة معيارية أن تأخذ بها، ما يطلق عليه اسم «مصادرة الإمكان

». هذه المصادرة ترى أن المعايير التي نضعها لأي ميدان ينبغي أن تكون قابلة للتحقيق إلى حد ما. وقد ظللنا حتى الآن نأخذ بهذه المسلمة خلال مناقشتنا للمشكلة الأخلاقية؛ إذ إننا قد سلمنا بأن الإنسان يستطيع تحديد طبيعة السلوك المثالي، ثم تحقيق هذا المثل الأعلى - جزئيا على الأقل. ولكن الوقت قد حان الآن لكي نعترف بأن هذه مسلمة جريئة جدا. أعني مسلمة قد لا يكون لها أساس من الواقع. ونحن إذ ندلي بهذا الاعتراف إنما نقر بأننا قد سلمنا أيضا بشيء له في الأخلاق مكانة أساسية تفوق مكانة المسلمة السابقة ذاتها. فنحن قد افترضنا طوال الفصلين السابقين أن الإنسان فاعل حر؛ أي إنه سيد إرادته، والمتحكم الوحيد في أفعاله، وصانع مصيره الأخلاقي الخاص. وبالاختصار، فنحن قد سلمنا بحرية الإرادة، متجاهلين إمكان أن تكون أفعال الإنسان محددة بدقة عن طريق قوانين العلة والمعلول، شأنها شأن حركات الصخرة حين تهوي. فقد ظللنا طوال الوقت نتجنب مشكلة من أكبر المشاكل الشائكة في الفلسفة، وأعني بها مشكلة الحتمية في مقابل اللاحتمية؛ لذلك فسوف نخصص الجزء الأكبر من هذا الفصل لتلافي هذا النقص. (1) تاريخ النزاع حول حرية الإرادة

تتبعنا، في مناقشتنا المبدئية لمشكلات الفلسفة (الفصل الأول) الأصول التاريخية للنزاع حول الحتمية. وبينا كيف أن مبدأ العلية قد أخذ يمتد تدريجيا ليشمل ميدانا تلو الآخر، فقد أخذ نطاق مبدأ العلية يتسع، منذ صياغته الأولى في أبسط قوانين الميكانيكا، حتى أصبحت تدخل في إطاره آخر الأمر ميكانيكا الوراثة ذاتها. ذلك لأن استتباب النظام والقانون العلمي قد أدى في البداية إلى التحكم في سلوك الأشياء المادية، ثم إلى التحكم بعد ذلك في سلوك أشياء تعلو على هذه الأرض، كالنجوم والكواكب. وعندما تبين أخيرا أن سلوك الحيوانات يمكن التنبؤ به على الأقل، وكشفت نظرية دارون عن تلك العملية المنتظمة الهائلة التي تتحكم في أشكال الحياة ذاتها، بدا كأن الزحف المطرد للحتمية قد بلغ أقصى مداه. فقد تبين عندئذ أن كل الحوادث في المجال الطبيعي هي نتائج مباشرة لحوادث سابقة، وأن الظواهر الواقعة في نطاق تجربتنا تكاد كلها تكون قابلة للتفسير (أو يلوح أنها ستكون قابلة للتفسير) على أساس قوانين العلة والمعلول الصارمة. وظهر بوضوح متزايد أن العمل الرئيسي للعلم إنما هو صياغة هذه القوانين العلية. واقتنع العلماء أنفسهم بأن في استطاعتهم تلبية كل ما يطلبه الذهن من تفسيرات، وذلك إذا أمكنهم إعلان الاندماج التام بين مختلف أوجه تجربتنا في نسق واحد هائل من علاقات العلة والمعلول. وفي هذه الأثناء، ازداد الفلاسفة اهتماما بمشكلة العلية، وأصبحوا بدورهم يشعرون بأن مفهوم «العلة» مفهوم رئيسي في التجربة البشرية. وهكذا أصبح نطاق الحتمية، عند نهاية القرن التاسع عشر، يكاد يكون شاملا.

ومع ذلك فقد ظلت هناك قطعة أخيرة صغيرة من الأرض التي لم يتم غزوها، فقد ظل الإنسان ذاته خارج نطاق القانون العلي. وكانت «الطبيعة البشرية» لا تزال شيئا منعزلا عن «الطبيعة»؛ إذ إنها كان تعد مستقلة عن مبدأ الحتمية. وبالاختصار، فقد كان ينظر إلى الإنسان على أنه استثناء. ومهما يكن من أحكام السلاسل العلية التي تربط بقية الكون، فإن أفعال الإنسان ودوافعه كانت تعد حرة إلى حد ما: ذلك لأن في استطاعته في أي وقت أن يتخذ قرارا أو يؤدي عملا لا صلة له بقراراته أو أعماله السابقة. صحيح أن سلوك الحيوان يبدو مجرد استجابة للقوى المادية (التي تسمى بالمنبهات)؛ وبالتالي فإن كل فعل تقوم به هو فعل علي. غير أن الإنسان يستطيع على ما يبدو أن يسبب أفعاله الخاصة، أما بكسر سلسلة علية مستمرة بالفعل، وإما ببدء سلسلة جديدة من أول الأمر.

نامعلوم صفحہ