بابن أثير الجزيرة المسمى "كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر" فوجدت فيه المحمود والمقبول، والمردود والمرذول.
أما المحمود منه فإنشاؤه وصناعته، فإنه لا بأس بذلك إلا في الأقل النادر. وأما المردود فيه فنظره وجدله، واحتجاجه واعتراضه، فإنه لم يأت في ذلك في الأكثر الأغلب بما يلتفت إليه مما يعتمد عليه.
فحداني على تتبعه ومناقضته في هذه المواضع النظرية أمور، منها إزراؤه على الفضلاء، وغضه منهم، وعيبه لهم، وطعنه عليهم، فإن في ذلك ما يدعو إلى الغيرة عليهم، والانتصار لهم.
ومنها إفراطه في الإعجاب بنفسه، والتبجح برأيه، والتقريظ لمعرفته وصناعته، هذا عيب قبيح عمل الإنسان والاجتهاد، ويوجب المقت من الله والعباد.
ومنها أنه قد أومأ مرارا في كتابه إلى عتاب دهره؛ إذ لم يعطه على قد استحقاقه، فأردنا أن نعرفه أن الأرزاق ليست على مقادير الاستحقاق، وأن الرزق مقسوم لا يجلبه الفضل، ولا يرده النقص.
ومنها أن جماعة من أكابر الموصل قد حسن ظنهم في هذا الكتاب جدا، وتعصبوا له، حتى فضلوه على أكثر الكتب المصنفة في هذا الفن، وأوصلوا منه نسخا معدودة إلى مدينة السلام١ وأشاعوه، وتداوله كثير من أهلها.
_________
١ مدينة السلام: بغداد.
4 / 32