ورد أيضا بأن عدم التجنيس لا يذهب حسن الكلام، وضرب أمثلة بأدب عبد الحميد وابن المقفع ومن قبلها ومن بعدهما من الفصحاء، وقال: فهل ترى لأحد منهم تجنيسا في كلامه إلا أن يقع اتفاقا غير مقصود؟
٢- وبعضه مجانب للحق؛ إذ كان الصواب فيما قاله ابن الأثير.
من ذلك أن ابن الأثير ذهب إلى أن صناعة تأليف الكلام من المنظوم والمنثور تفتقر إلى آلات كثيرة، وثقافة متنوعة، وقد قيل: ينبغي للكاتب أن يتعلق بكل علم، ويخوض في كل فن، وملاك هذا كله الطبع، فإنه إذا لم يكن ثم طبع فإنه لا تغني تلك الآلات شيئا ...
وعلق ابن أبي الحديد على هذا بأنه من دعاوي الكتاب وتزويقاتهم، ولا يعول عليه محصل؛ لأن الفنون التي يذكرها الكتاب، ويزعمون أن الكتابة مفتقرة إليها، إن أرادوا بها ضرورتها لها فهذا باطل؛ لأن سحبان وائل وقس بن ساعدة وغيرهما من خطباء العرب ما كانت تعرفها، كذلك من كان في أول الإسلام من الخطباء كمعاوية وزياد وغيرهما.
وإن أرادوا أنها متممة ومكملة فهذا حق، لكن عدمها لا يقتضي سلب اسم الكتابة، مع أن ما يحتاج إليه الكاتب يحتاج إليه الشاعر وزيادة.
ويبدو من تعليقه هذا أنه غفل عما تنبه إليه ابن الأثير من ضرورة الثقافة للكتاب.
ولم يكن موفقا في تمثيله بقس وسحبان ومعاوية وزياد؛ لأن هؤلاء خطباء، ولم يعرض ابن الأثير لثقافة الخطباء، بل عرض لثقافة الكتاب والشعراء.
4 / 28