بصفات الكمال واما أخوفهم من المقام في الدنيا حذرا من نقصان الأعمال والأحوال كوشفوا بجلالة مولاهم وعرفوا انه جل جلاله يراهم فأرواحهم وعقولهم وقلوبهم ونفوسهم مشغولة به لذاته قد بهرهم مقدس ذاته وشرف صفاته ويخدمون خدمة جهد المستطيع ويندبون ويبكون ندب من لم يزل في التفريط والتضييع عرفهم ما أراد من كنه جلاله وعظمة اقباله فشغلهم بجلالته وهيبته وحرمته ومراحمه ومكارمه ونعمته عن حظوظ أنفسهم منه.
وما بقى لهم قلب وجنان ولا لسان ولا امكان تصرف فيما يبعدهم عنه تقيدت الجوارح بقيود الحضور في خدمة المعبود وتولهت العقول وتتيهت بهول ذلك الوجود والجود فعظمته جل جلاله لهم ذاهلة ورحمته جل جلاله الكاملة لهم شاغلة إذ كل منهما يملك قلوب العارفين ويشغل عقول المكاشفين.
ولكن أولئك لا يعرفون ان وجدوا وان غابوا لم يفتقدوا وما أعني ان أسمائهم ووجوههم غير معروفة بل الوجوه والأسماء موصوفة وأسرارهم واسرار مولاهم عندهم غير مكشوفة ولا تعجب إذا قيل لك انهم لا يعرفون وهم منظورون لان سيدهم ومن هو أعظم كمالا وجلالا منهم قال الله جل جلاله عنه وتريهم ينظرون إليك وهو لا يبصرون.
وانما نرتب حديث الموت وغسل الأموات على الغالب من أحوال أهل الغفلات الذين يهدم الموت عليهم ما يحبونه من الأعمار ويخرب ما ألفوه من عمارة الديار ويزعجهم عن القرار.
فالعاقل من اهتم غاية الاهتمام بالتأهب لتزلزل الاقدام وعمل ما يوصى به المفرطون فإنه إذا فرط في نفسه فالأوصياء في التفريط
صفحہ 63