السقاء فاغتسلت بما فيه ولم يكفيها. ثم صبحا العين فوجداها ناضبةً وأدركها العطش. فقال الضبّ: لا ماءك أبقيت ولا حِرِك أنقيت! ثم استظلا بشجرة حيال العين فأنشأ الضبّ يقول:
تالله ما طَلَّةٌ أًصَابَ بها ... بَعْلًا سِوايَ قَوارِعَ العَطْبِ
كَيْما يكون الفُؤاد مُصْطَبِرًا ... ويَكتَسِي من عَزائِه قَلْبي
وأيُّ مَهْرٍ يكونُ أَثْقَلَ من ... ما طَلَبُوه مِنَّي على الضَّبِّ
أنْ يعرِفَ الماءَ تحت صُمٍّ صَفًا ... أو يُخْبِر الناسَ مَنْطِقَ الخُطْبِ
أخرجَني قَوْمُها بأنَّ رَحىً ... دَارَتْ بِشؤْمٍ لها على القُطْبِ
فلما سمعت امرأته ذلك فرحت وقالت: ارجع إلى القوم فإنك شاعر. فانطلقا راجعين. فلما وصلا خرج القوم إليهما، فقال الضبّ: إني شاعر. فتركوهما.
٢٥٩_قولهم انْصُرْ أَخَاك ظاَلِمًا أو مظلومًا
أول من قال ذلك جُندَب بن العنبر بن عمرو بن تميم. وكان رجلًا دميمًا فاحشًا، وكان شجاعًا. وأنه جلس وسعد بن زيد مناة يشربان، فلما أخذ الشراب فيهما قال جندب لسعد وهو يمازحه: ياسعد، شُرْبُ لبن اللقاح، وطول النَّكاح، أحب إليك من الكفاح، ودعس الرماح، وركض الوقاح. قال سعد: والله إني لأعملُ