موجهات السعادة تلعب بحياتها السعيدة، ويوم كان نفس أبيها يصعد، ونسمه يهبط. وكان بيتها قطب الدولة العتيد، ودعامة المجد الراسخة المهيمنة على الزمن الخاشع المطيع. ولعل أفكارها هذه ساقتها إلى تصور أبيها صلى الله عليه وآله وسلم وهو يضمها إلى صدره الرحيب، ويحوطها بحنانه العبقري، ويطبع على فمها الطاهر قبلاته التي اعتادتها منه، وكانت غذاءها صباحا ومساء. ثم وصلت إلى حيث بلغت سلسلة الزمن، فيواجهها الواقع العابس وإذا بالزمان غير الزمان وها هو بيتها مشكاة النور ورمز النبوة والأشعاعة المتألقة المحلقة بالسماء، مهدد بين الفينة والفينة، وما هو ابن عمها الرجل الثاني في دنيا الأسلام باب علم النبوة (1)، ووزيرها المخلص (2)، وهارونها (3) المرجى، الذي لم يكن لينفصل ببدايته (4) الطاهرة عن بداية
---
(1) إشارة إلى الحديث المشهور: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1: 64 طبعة دار الفكر، وصححه السيوطي في جمع الجوامع، وأخرجه الترمذي في صحيحة بلفظ آخر، وراجع: التاج الجامع للاصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم / الشيخ منصور علي ناصب 3: 337، قال: رواه الترمذي والطبراني وصححه الحاكم. (2) إشارة إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث الدار أو الأنذار - المشهور: (إن هذا - والأشارة إلى علي - أخي ووزيري وخليفتي فيكم...) راجع الرواية الكاملة في تاريخ الطبري 3: 218 - 219 طبعة المطبعة الحسينية بمصر، وراجع تفسير الخازن 3: 371 طبعة دار المعرفة. (3) إشارة إلى الحديث المتواتر: (أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) راجع: صحيح البخاري 5: 81 باب 39، صحيح مسلم 4: 1873، التاج الجامع للاصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم / الشيخ منصور علي ناصف 3: 333. (4) راجع: نهج البلاغة، خطبة 192 ضبط الدكتور صبحي الصالح ص 300 - 301 قال الأمام علي عليه السلام: (وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد... ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الأسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي وأشم ريح النبوة...).
--- [22]
صفحہ 21