و«عند مصوبع» عقدت الجلسة التي تقرر فيها اعتصاب تلاميذ المدرسة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس سنة 1903، وهناك وضعت خطة الاعتصاب ونفذت، وأرسل الطلبة تلغرافا إلى الشيخ محمد عبده، وكان مفتي الديار المصرية في ذاك الحين، يسألونه أن يأويهم في الأزهر لتخلي طائفتهم عنهم، فأوفدت البطريكخانة جواسيسها، وفي مقدمتهم المرحوم «العريف عياد» إلى «قهوة مصوبع»، فطفقوا يستلبون المعتصبين واحدا فواحدا، ويهددون العاصين حتى فشل الاعتصاب بعد أسبوعين. (12-2) الحلواني كوستي
كان محله في أول شارع الفجالة إلى جانب بار اشتورا.
و«عند كوستي» كان ملتقى الأعضاء العاملين في جمعية التوفيق القبطية أيام زهوها، فإذا ما أتم أعضاء اللجنة أعمالهم لا بد من «تحويدة» على كوستي لتناول كأس أو اثنتين على الواقف، وهناك كانت تجري المفاوضات غير الرسمية بين المرحوم يعقوب بك نخلة رفيلة، ورفلة أفندي جرجس، والدكتور إبراهيم بك منصور، وفرج بك إبراهيم، وغيرهم من أقطاب تلك الجمعية التي نامت الآن نوم أهل الكهف، وإن كانت قد استعاضت عن الإصلاح الملي بنشر التعليم. (12-3) قهوة أوربا
كانت منذ 16 سنة مركزا لفئة من الشبيبة القبطية المنورة التي تشتغل بإخلاص لمصلحة طائفتها، وفي قهوة أوربا كان يجتمع الأصدقاء الأربعة، وهم: المرحوم باسيلي أفندي نصر - وقد قصفت المنية غصن شبابه منذ بضعة أشهر - وحنا أفندي يوسف منصور المحامي، وميخائيل أفندي خليل، وفهيم أفندي صليب، ويكتبون جريدة «الصوت الصارخ»، وكانت مجلة نصف شهرية عرفت بالجسارة والإقدام وعدم المبالاة.
وكان مدير القهوة في ذاك الحين رجلا أشيب سميناه «كروجر»؛ تخليدا لذكرى البطل البويري الشهير. (12-4) قهوة مراد
هي القهوة الوطنية الكبرى الوحيدة التي أنشئت في شارع الفجالة، مزاحمة قهوات اليونان والسوريين وخمارات الزبيب القبطي. صاحبها مراد أفندي محمد، وهو رجل مهذب ظريف، وكان ينتاب قهوته في السنوات الأخيرة جمهور من محرري الجرائد وكتابها ، أذكر منهم: جورجي أفندي طنوس صاحب المنبر، وميخائيل أفندي بشارة صاحب مجلة العظماء، وعوض أفندي واصف صاحب المحيط.
وفي «قهوة مراد» دون الأديب أحمد أفندي أبو الخضر منسي مذكراته ومفكراته التي لم تطبع بعد، وهي مجموعة أخبار شخصية، وملاحظات حيوية دقيقة فيها كثير من غير المألوف ، وما لا يطابق آراء فئة كبيرة من المتصدرين للتحرير والتحبير، ولكنها تنم عن ذكاء عظيم وذاتية مستقلة.
وفي «قهوة مراد» كان يجتمع عوض أفندي واصف، والدكتور فريد أفندي عبد الله، وزكي أفندي فهمي، أثر خروجهم من الكنيسة الإنجيلية في أيام الآحاد، وينضم إليهم جماعة من أعضاء هذه الكنيسة للمذاكرة في شئونهم الملية. (12-5) الشانزيلزيه
أرحب قهوات الفجالة وأكثرها غرفا، راقت في عيني المرحوم جورجي زيدان صاحب الهلال، ولكنه أبى أن يختلط بزبائنها، فألف حلقة من الأدباء وبعض موظفي الحكومة الذين يميلون إلى الأدب والأدباء، فكان يحضر جلستهم كل ليلة سليم بك باخوس مدير الأموال المقررة في محافظة مصر، وعزيز بك أبو شعر الموظف في وزارة الأشغال، ونعوم بك شقير مدير قلم التاريخ في وزارة الحربية. وكان يتردد إليهم من حين إلى آخر الشيخ يوسف الخازن، ونجيب أفندي مشعلاني، وأخوه نسيب، وأنطون أفندي الجميل، والشيخ أمين تقي الدين، وولي الدين بك يكن، وسليم أفندي سركيس.
وقد انفرط عقد القوم، فاحتل معقلهم حضرة صديقنا الكاتب الفاضل ميخائيل أفندي بشارة داود، صاحب مجلة العظماء، ورئيس تحرير جريدة مصر.
نامعلوم صفحہ