بدأ ابن خير بطلب العلم منذ مدة مبكرة من حياته حيث يذكر سماعه من شيخه الأديب أبي عبد الله محمد بن سليمان بن أحمد النّفزي المتوفى سنة (٥٢٥) هـ في منزله بإشبيلية سنة (٥١٨) هـ (١) عند قدومه إلى إشبيلية (٢)، وسمع بجامع إشبيلية في رمضان من سنة (٥٢٠) هـ من شيخه أبي الحسن عبّاد بن سرحان بن مسلم المتوفى نحو سنة (٥٤٣) هـ (٣). واتصل آنذاك اتصالا قويا بشيخه المقرئ أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح الرّعيني المتوفى سنة (٥٣٩) هـ حيث لازمه طيلة حياته وأخذ عنه علما جما، كما يظهر واضحا من هذا الكتاب.
ثم بدأ ابن خير بالتجوال في مدن الأندلس يقرأ على الشيوخ ويستجيزهم، ولا أراني بحاجة إلى ذكر شيوخه الكثر فقد ذكرهم هو في آخر هذا الكتاب حيث زادوا على المئة. كما أخذ عنه العديد من التلاميذ لما كان يتمتع به من الدقة والأمانة وسعة الرّواية، وكتب التراجم التي تناولت المئة السابعة تزخر بالعديد من تلامذته.
وحين ذاعت شهرته ومنزلته في العلم طلبه والي قرطبة أبو عليّ الحسن ابن عبد المؤمن (٤) ليتولّى الصلاة بجامع قرطبة الأعظم سنة (٥٧٣) هـ، وهي من الوظائف الخطيرة، فبقي يتولاها إلى أن توفي سحر ليلة الأربعاء الرابع من ربيع الأول سنة (٥٧٥) هـ، ودفن بإزاء الدار التي أنزل فيها، وكانت جنازته مشهودة لم يتخلف عنها كبير أحد، وحضرها الوالي أبو علي الحسن بن عبد المؤمن، ثم نقل رفاته بعد ذلك إلى إشبيلية ليدفن في مقبرة مشكة (٥).
_________
(١) فهرسة ابن خير ٦٠.
(٢) المصدر نفسه ٤١٥.
(٣) المصدر نفسه ١٥٧.
(٤) امتدت ولايته على قرطبة من سنة ٢٧٢ - ٢٧٥ (البيان المغرب ١١٠ - ١١٣) والظاهر أن أبا علي هذا كان على معرفة وثيقة به، فقد كان أخوه التوأم الحسين بن عبد المؤمن واليا على إشبيلية.
(٥) الذيل لابن عبد الملك ٨/ ٢٠٢.
1 / 7