141

فہم فہم

فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر

اصناف

The Subject

على النص، وحين يفهم المرء النص في ضوء السؤال الذي يجيب عنه يتعين عليه أن يمضي متسائلا فيما وراء النص من أجل أن يفسره، يتعين على المرء أيضا أن يسأل: «ما الذي لم يقله النص؟» ولن يتسنى للمرء أن يفهم النص بمعناه إلا بقدر ما يبلغ أفق سؤال يضم أيضا أجوبة أخرى ممكنة، والحق أن معنى أية عبارة هو أمر نسبي ، أمر منسوب إلى السؤال الذي تعد العبارة إجابة عنه، أي إن معنى العبارة يتخطى بالضرورة ما قيل بصريح العبارة، ولهذا المبدأ دلالة هائلة وأهمية حاسمة في مجال الدراسات الإنسانية، وعلى المرء ألا يقنع بمجرد زيادة إيضاح ما هو واضح أصلا في النص، بل يتعين أن يوضح النص داخل أفق السؤال الذي أوجده، يقول ر. ج. كولنجوود

R. G. Collingwood

مطبقا هذا المبدأ في مجال التأويل التاريخي: لكي يفهم المرء حدثا تاريخيا ما فإن عليه أن يعيد نسج السؤال الذي كانت أفعال الأشخاص التاريخية جوابا عنه. ويعد كولنجوود، في رأي جادامر، واحدا من المفكرين القلائل في العصر الحديث الذين حاولوا صياغة منطق السؤال والجواب، وحتى هذه المحاولة لم تنجز على نحو تام ومنظم.

على أن عملية إعادة بناء السؤال الذي يعد النص أو الفعل التاريخي جوابا عنه ليست عملية مغلقة على ذاتها ولا يمكن تصورها كذلك على الإطلاق، يذهب جادامر، في نقده للوعي التاريخي، إلى أن أفق المعنى الذي يقف داخله النص أو الفعل التاريخي تتم مقاربته من داخل الأفق الشخصي للمرء، فالمرء عندما يقوم بالتفسير لا يترك أفقه الخاص وراءه، بل يوسعه بحيث يدمجه بالأفق الخاص بالنص أو الفعل، كما أن التفسير ليس مسألة الوقوف على مقاصد كاتب النص أو الفاعل التاريخي، إن الموروث نفسه يتحدث في النص، وجدل السؤال والجواب يحدث انصهارا للأفقين أو التحاما بينهما، هذا هو «التحام (انصهار/التئام) الآفاق»

Horizons of Fusion

الشهير والمأثور عن هانز جادامر، فما الذي يجعل هذا الالتحام ممكنا؟ ما يجعله ممكنا هو حقيقة أن كلا الأفقين، بمعنى ما هو شيء عام وشامل ومؤسس في الوجود؛ ولذا فإن الالتقاء بأفق النص القديم، في واقع الأمر، يضيء الأفق الخاص بالمرء ويؤدي به إلى الفهم الذاتي والكشف الذاتي، فاللقاء يغدو لحظة انكشاف أنطولوجي، إنه حدث فيه يبزغ شيء ما من «السلب»

Negativity ، أي من إدراك المرء أن هناك شيئا ما لا يعرفه، أن الأشياء ليست كما كان المرء يفترض.

الانكشاف، بعبارة أخرى، يأتي كواقعة لها بنية الخبرة وبنية السؤال والجواب، إنها مسألة ديالكتيكية، فما هو «الوسط» الذي يمكن أن يحدث فيه وخلاله هذا الكشف الأنطولوجي؟ ما هو الوسط الذي بلغ من الشمول والعمومية مبلغا يسمح بانصهار الآفاق؟ ما هو الوسط الذي يختزن ويخبئ الخبرة المتراكمة لكل الأجيال الماضية من البشر؟ ما هو الوسط الذي لا ينفصل عن الخبرة ذاتها، لا ينفصل عن الوجود؟ إنه اللغة.

17 (3-2) طبيعة اللغة (أ) اللغة ليست أداة (الطابع غير الأداتي للغة)

نامعلوم صفحہ