تعبده وزهده وورعه
كان شيخ الإسلام بن تيمية من أعبد الناس وأتقاهم لله، وكان ملازما لعبادته، وتلاوة كتابه الكريم، آناء الليل وأطراف النهار.
يقول البزّار: «أما تعبده ﵁ فإنه قلّ أن سُمع بمثله، لأنه كان قد قطع جُلّ وقته وزمانه فيه، حتى إنه لم يجعل لنفسه شاغِلة تشغله عن الله تعالى، ما يُراد له لا من أهل ولا من مال.
وكان في ليلة متفرّدا عن الناس كلهم، خاليا بربّه ﷿، ضارعا مواظبا على تلاوة القرآن العظيم، مكرّرا لأنواع التعبدات الليلية والنهارية ...» (٢١) .
وقال: «أما زهده في الدنيا ومتاعها؛ فإن الله تعالى جعل ذلك له شعارا من صِغَره.
ولقد اتفق كلّ مَن رآه، خصوصا مَن أطال ملازمته، أنه ما رأى مثله في الزهد في الدنيا، حتى لقد صار ذلك مشهورا، بحيث قد استقرّ في قلب القريب والبعيد من كل من سمع بصفاته على وجهها ...» (٢٢) .
وكان ﵀ في الغاية التي ينتهى إليها في الورع؛ لأن الله تعالى أجراه مدة عمره كلها عليه؛ فإنه ما خالط الناس في بَيْع ولا شراء ولا معاملة، ولا تجارة، ولا مشاركة، ولا زراعة، ولا كان مُدّخِرا دينارا ولا درهما ولا متاعا، وإنما كان بضاعته مُدّة حياته وميراثه بعد وفاته، العلمُ اقتداء بسيّد المرسلين، وخاتم النبيين محمد ﷺ (٢٣) .
_________
(٢١) البزار: الأعلام العليّة ص٣٨.
(٢٢) المصدر المتقدم: ص٤٧، ٤٨.
(٢٣) البزار: الأعلام العلية ص٤٤.
13 / 1225