[مقدمة الكتاب]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وبه استفتح الحمد لله الذى افتتح بالحمد كتابه، وألهمه عباده، وجعله مستزيدا لهم من فضله، وذريعة إلى ما قرّب منه وأزلف عنده. وصلّى الله على محمد نبيّه وخاتم رسله، وصفوته من خلقه، وخيرته من عباده، صلاة تزلفه لديه، وتحظيه عنده؛ وسلّم تسليما.
إن الله ﷿ خلق خلقه لعبادته، وأمرهم بطاعته، ونهاهم عمّا حرّمه، ووعدهم رحمته، وحذّرهم عقابه، فكان أحسنهم طاعة له، وأشدّهم تقرّبا منه، وأبعدهم ممّا حرّمه ونهى عنه العلماء، وذو [و] العقل والفضل من خلقه، فإنّه يروى أنّ رسول الله ﷺ [قال]: إن الله يعاقب العاقل بما لا يعاقب به الجاهل. ففضّل الله جلّ اسمه ذكر العالم فى زمانه على سائر نظرائه من خلقه، وجعله قدوة لأهل عصره، وذكرا لمن يبقى بعده.
من ذلك ما يروى أنّ الأحنف بن قيس رأى الناس بالبصرة يقصدون الحسن البصرىّ فى أمورهم، ويسألونه عن أحوال دينهم، فقال: كادت العلماء أن يكونوا «١» اربابا، وكلّ عزّ لم يوطّد بعلم فإلى ذلّ يصير.
ويروى من غير وجه: سمعنا أن زيد بن ثابت أتى عبد الله بن عباس فتلقّاه عبد الله، وأخذ بركاب بغلته حتى نزل عنها، فلامه زيد على ما فعله، فقال: كذا أمرنا
1 / 1