والاستعاذة بالله من العبادات التي أمر الله بها عباده، قال تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} [فصلت: 36]، وقال تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: 98]، وقال تعالى: {قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق} [الفلق: 1 - 2].
وعلى هذا فمن استعاذ بغير الله فقد أشرك في عبادة ربه، ونازعه في الهيبة؛ لأن كل ما كان عبادة لله كان صرفه لغير الله شركا في العبادة.
وقد نص الأئمة كأحمد وغيره أنه لا يجوز الاستعاذة بمخلوق، وكان هذا مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق. لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بكلمات الله وأمر بذلك، ولهذا نهى العلماء عن التعازيم والتعاويذ التي لا يعرف معناها خشية أن يكون فيها شرك، قال تعالى: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا} [الجن: 6].
وقد كان الرجل من العرب إذا نزل واديا مقفرا للمبيت فيه وخاف على نفسه، قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، يريد كبير الجن، فتعاظم الجن في أنفسهم لما رأوا من استعاذة الإنس بهم، وزادوهم رهقا أي خوفا وإرهابا وذعرا حتى تشتد مخافتهم منهم ويكثر تعوذهم بهم.
صفحہ 35